تقارير

لماذا تغيب العدالة الانتقالية عن كل المسارات التفاوضية في اليمن؟

01/09/2025, 11:26:10

عشر سنوات من الحرب الطاحنة يعيشه اليمن، تضاعفت فيها أرقام الضحايا بالمجازر والسجون، لكن لا أحد يجرؤ على فتح الملفات للمحاسبة، ولا يزال المجرمون أحراراً والضحايا منسيين حتى اليوم.

من صنعاء إلى عدن ومن تعز إلى صعدة، لا فرق بين رصاصة ميليشيا أو غارة طيران، فالنتيجة جثث بلا أسماء وذاكرة مثقوبة لا أحد يعترف بها.

تنظر ميليشيا الحوثي ومثلها الكثير، كالتحالف ونظام صالح والانتقالي وغيرهم من خصوم اليمنيين؛ إلى العدالة الانتقالية باعتبارها خطراً على سلطتهم، أما السياسيون فالعدالة بالنسبة لهم ورقة مساومة، وعلى ذلك تحضر شواهد تاريخية قريبة وكثيرة، لكن اليمنيين بحاجة إلى عدالة تنصف الضحايا ومصالحة تقوم على كشف الحقيقة، ومشروع يعيد للناس ثقتهم بأن وطنهم ملك لهم، لا رهينة بيد ميليشيات أو تحالفات عابرة.

فوبيا من المفهوم

يقول الباحث الأكاديمي الدكتور عادل دشيلة، ظهر مصطلح العدالة الانتقالية بعد الحرب العالمية الثانية، ثم في أعقاب الحروب الأهلية في أمريكا اللاتينية، وبالتالي تطور إلى مفهوم أكاديمي في تسعينيات القرن الماضي.

وأوضح، أن العدالة الانتقالية ببساطة تعني الانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلم وفق ضوابط وقوانين ولوائح تعالج إرث الماضي بكل جوانبه.

وأضاف: لكن عندما نتحدث عن مفهوم العدالة الانتقالية في الحالة اليمنية، هناك فوبيا من المفهوم، وعلينا أن نركز على هذه الحساسية وأن نصيغ مصطلحا آخر وليكن كما كان بعد مخرجات الحوار الوطني، مصطلح العدالة والمصالحة، لأن كل بلد انتهج عدالة خاصة به مثل العدالة والمصالحة، أو العدالة وما شابه ذلك، سواء في أمريكا اللاتينية أو في دول عربية أو أفريقية.

وتابع: كل دولة كانت تعرف مفهوم العدالة الانتقالية ليس وفقاً للمعايير الدولية، ولكن وفقاً للموروث الثقافي والاجتماعي المحلي.

وأردف: نحن في اليمن لدينا تاريخ طويل من ترك جذور الصراعات بلا حلول، وترك الضحية جانباً، وكنا نركز على مدى العقود الماضية على قضايا السياسيين ونترك الضحايا على جنب، ولهذا تحول الضحية إلى جلاد والجلاد إلى ضحية، والصراعات الحالية والسابقة أثبتت ذلك.

وزاد: اليوم إذا أردنا أن نخرج من حالة الحرب إلى حالة السلم فلا يمكن لليمن أن يخرج من هذه الدوامة إلا من خلال عدالة حقيقية تعالج قضايا السياسيين وقضايا المجتمع على حد سواء، وليس التركيز على قضايا السياسيين.

وقال: في هذا الإطار لو رجعنا إلى الوراء قليلاً، فشلت كل الاتفاقيات السياسية السابقة والعفو، لدينا ما يسمى بالتسامح والتصالح في الجنوب، لدينا ما سمي بالعفو عن الانفصاليين خلال حكم الرئيس الراحل علي عبد الله الصالح ثم الحصانة، ثم الاعتذار لقضية صعدة، ولكن كل هذه الاعتذارات، وكل قوانين العفو هذه، فشلت، لماذا؟ لأنها لم تتعد الجانب النظري ولم تطبق عملياً.

وأضاف: الآن في الوقت الراهن القوى السياسية اليمنية تريد مصالحة وعدالة اجتماعية، لأنهم يريدون التهرب من مفهوم العدالة الانتقالية بمفهومها القانوني، لذا يقولون عدالة اجتماعية، لكن في حقيقة الأمر هم يريدون مصالحة سياسية تحافظ على مصالح السياسيين، وبالتالي مناقشة هذه القضايا الاجتماعية كأشياء إضافية، لكنهم لا يريدون أن تكون هناك عدالة بمفهومها الحقيقي، والتي تتمثل من خلال كشف الحقيقة وجبر الضرر وإعادة بناء مؤسسات الدولة وكذلك إحياء الذاكرة الوطنية.

وتابع: العدالة الانتقالية تنقسم إلى عدة أقسام، القسم الأول: العدالة الجنائية، وتعني القطيعة مع الماضي تماما، لا تسامح مع الماضي، فيما القسم الثاني: العدالة التصالحية، وهي التي تقوم على نوع من التصالح والتسامح والعفو وجبر الضرر وإيجاد نوع من حل القضايا عبر الحوار، أما القسم الثالث: العدالة التفاوضية، وهي التي تكون بين نظام ديكتاتوري قمعي ومعارضة، على أن يكون هناك خروج آمن، ونحن في اليمن طبقنا القسم الثالث.

مفهوم العدالة الانتقالية

يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات المحامي توفيق الحميدي، أنا باعتقادي أن مفهوم العدالة الانتقالية أو التصالحية أو غيرها من المسميات، لها جذور تقريباً في كل الثقافات على وجه هذه الأرض، سواء الإسلامية أو الشرقية أو الغربية، لأنه في النهاية هذه المجتمعات كانت تلجأ إلى عدد من الأساليب والقوانين التي تبتكرها على الأقل من أجل تجميد الحروب أو تجاوزها للانتقال إلى حالة من السلم وحالة من الاستقرار.

وأضاف: العدالة بصورتها الحالية، هي نتيجة تطورات طبيعية سواء على المستوى السياسي أو على المستوى القانوني، أو حتى على مستوى الإجراءات، خاصة من بعد الحرب العالمية، لنراها في صورتها الحالية، كنموذج واحد أقرته الاتفاقيات وآليات الأمم المتحدة.

وتابع: لكن على المستوى الوطني,، هنالك لكل دولة بصمة خاصة في فهمها أو تطبيقها للعدالة الانتقالية، سواء في أمريكا الجنوبية، أو في دول أفريقيا على سبيل المثال، أو غيرها من هذه الدول، لأنه في النهاية المجتمعات لديها بصمات مختلفة متعلقة بمدخولاتها الثقافية والدينية والفلكلورية وحتى نمط التفكير، وهذا كله في النهاية ينعكس في مخرجات أو في صياغة صورة العدالة الانتقالية الخاصة بكل مجتمع من المجتمعات.

وأردف: ما نستطيع أن نقوله في النهاية، أن مشروع العدالة الانتقالية أو العدالة التصالحية، هو في الحقيقة ليس فقط مشروعاً سياسياً مرتبطاً بإرادة الأطراف السياسية المنخرطة في الحرب، وإنما أيضاً هو مشروع وطني لإصلاح البنى السياسية والمؤسساتية والقانونية، ورد الاعتبار  للضحايا ومعالجة الجروح الاجتماعية من خلال تحويل المأساة الفردية إلى مسار مجتمعي شامل.

وزاد: عندما نقارن بين العدالة الناجزة على سبيل المثال وهي العدالة الجنائية أو العدالة القضائية التي تكون بين ضحية وبين متهم في ساحة القضاء وبين العدالة الاجتماعية أو بين العدالة التصالحية والعدالة الانتقالية، سنجد أن العدالة التصالحية أو العدالة الانتقالية سنسعى من خلالها لمعالجة السياسات والأنظمة التي سمحت بتفكك الصراع واستمراره وتكراره بين فترة وأخرى.

وقال: عندما ننظر على سبيل المثال إلى حصار تعز أو زراعة ألغام أو الإخفاء القسري أو غير ذلك، سيتم من خلال هذه العدالة معالجة الأساليب والأنماط التي أدت إلى ظهور هذه الأنماط من الانتهاكات وبالتالي منع تكرارها مستقبلاً.

وأضاف: على سبيل المثال في حالة الضحية سيكون الحكم الصادر من المحكمة حكماً محدوداً ضد الجاني بالسجن أو غير ذلك، لكن عندما ننظر له في العدالة التصالحية أو في العدالة الانتقالية، فإنه سيكون هنالك اعتراف رسمي، وهذا الاعتراف سيتعلق مثلاً بالتعويض بالعيش الكريم بتوثيق الجرائم، ببناء ذاكرة وطنية، إلى غير ذلك.

وتابع: على المستوى الاجتماعي سنرى أن هنالك تدخلات ربما من خلال مؤسسات تنشأ، أو من خلال مؤسسات اجتماعية، مثل مؤسسات القبيلة أو المؤسسات الضامنة الموجودة في كل محافظة.

وأردف: العدالة الناجزة والعدالة الانتقالية، متكاملتان، هنالك حدود معينة متعلقة بكل منطقة، لكن غالباً الجرائم الكبرى المتعلقة بجرائم الحرب أو التي ارتكبت على مستوى واسع النطاق، وجرائم خطرة، غالباً هذه تأخذ مساراً قضائياً، لكن في البقية تأتي العدالة الانتقالية فيما بعد لتستكمل الدور في معالجة الآثار ومحاولة تسوية الأرضية وبناء جسور المجتمع الذي دمرته هذه الحروب، لمحاولة الانتقال بالمجتمع إلى حالة من الثقة وحالة من الاستقرار وحالة من الالتئام، كما حدث في كثير من البلدان التي أخذت بنموذج العدالة الانتقالية، وأخذت بالمسارين مع بعض.

تقارير

استمرار ارتفاع أسعار السلع في مناطق نفوذ الحكومة رغم التحسن النسبي في قيمة العملة

قال تقرير جديد لشبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة (FEWS NET) إن آثار الصراع الداخلي والإقليمي على الاقتصاد اليمني ما تزال المحرك الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي الحاد في كل من مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

تقارير

صحيفة هآرتس الإسرائيلية: اغتيال رئيس وزراء الحوثيين لا يغيّر موازين القوة في اليمن

قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن اغتيال رئيس وزراء الحوثيين أحمد الرهوي في غارة إسرائيلية على العاصمة صنعاء الأسبوع الماضي، لن يؤثر بشكل ملموس على تركيبة السلطة داخل الجماعة المسلحة التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن.

تقارير

المخفيون قسرا في اليمن.. مصير مجهول ومأساة مستمرة

في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، يعود الحديث عن آلاف المخفيين قسراً في اليمن، وممن لا يُعرف مصيرهم منذ سنوات، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي تضامنه مع جميع المخفيين قسراً والمفقودين في اليمن، مطالباً بالإفراج الفوري عنهم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.