تقارير
كيف أصبحت عدن مدينة طاردة لليمنيين ومغلقة للانتقالي؟!!
يوماً وراء يوم، تتحوّل مدينة عدن إلى مدينة مغلقة، تحت سلطة "المجلس الانتقالي" المدعوم من الإمارات.
في البداية، تم ترحيل المئات من العُمال والبُسطاء من أبناء المحافظات الشمالية، وتصاعدت الاغتيالات ضد المعارضين المحتملين، للمجلس وشعاراته، ثم طُردت الحكومة الشرعية، لتلحق ذلك حملة تضييق على الإعلام، الذي لا يؤيد مُمارسات المجلس وسياساته، وبينها قناة "بلقيس"، التي تُمنع من العمل من المدينة، التي تمثل عاصمةً مؤقتةً للجمهورية اليمنية.
وعلى الرغم من انتقال معظم مؤسسات الدولة اليمنية إلى عدن، بوصفها العاصمة المؤقتة، إلا أن القوات الموالية للمجلس عملت على جعل دخول الناس المدينة عملية محفوفة بالمخاطر.
تحوّلت عدن إلى مدينة خاصة بالمجلس وأنصاره، حتى إن معظم قيادات المكوّنات الجنوبية الأخرى تُقيم الآن في الخارج، ولا تستطيع العودة إلى المدينة، خوفاً من تعرّضهم للعنف على أيدي أنصار المجلس، وما حادثة تعرّض رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي لمحاولة اغتيال ببعيد.
"مؤامرات على الانتقالي"
يقول خصوم المجلس إن ممارساته، الشبيهة بسلوك مليشيا الحوثي في صنعاء، تؤكد الطبيعة الشمولية للمجلس، وتحوّله إلى أداة لأجندات خارجية، فيما يقول أنصار المجلس إن "مُعظم ما يحدث في عدن لا يقوم به عناصر الانتقالي".
المتحدّث باسم مكتب "المجلس الانتقالي" في لندن، صالح النود، يقول عندما يتم الحديث عمّا يحصل في عدن، ينبغي الإشارة إلى أن عدن تمّت مهاجمتها من قبل عناصر الشرعية، التي تعمل على زعزعة أمنها واستقرارها، كما أنها تسعى إلى تحويلها إلى مدينة تعمّ فيها الفوضى.
وأضاف النود، خلال حديثه للبرنامج الأسبوعي "فضاء حُر" على قناة "بلقيس"، إن "الانتقالي والقوى الجنوبية الحريصة على شعب الجنوب أدركت هذه المؤامرات، واستطاعت أن تقف في وجه هذه المؤامرات والمخاطر على الجنوب، والتي كان آخرها إدخال عناصر تخريبية ضمن مجاميع النازحين الذين احتضنتهم عدن".
ويوضّح أنه "مع اشتعال الحرب ومحاولة المليشيات (قوات الشرعية) للاتجاه صوب عدن، توجّب على "الانتقالي" والقوات الجنوبية الوقوف ضد هذه المليشيا العابثة، والتي تتربص بعدن، وتعمل على عدم استقرارها"، على حد تعبيره.
وينفي النود، في سياق حديثه، أن يكون هناك أي إغلاق لمدينة عدن، لافتاً إلى أن عدن تعيش وضعاً طبيعياً وآمناً كذلك.
ويضيف: "عدن ما زالت تعمل بحسب الإمكانيات المتاحة، رغم عرقلة الشرعية لكثير من أمور التنمية فيها، كون الشرعية ترى أن النهضة والتنمية في عدن يدعم توجّه الجنوبيين نحو الانفصال".
ويستدرك النود القول إنه "يحق للمجلس الانتقالي، وقواته الجنوبية، أن يقف في وجه كل المؤامرات التي تُحاك ضد عدن، حمايةً لها".
"نتيجة المشروع الانفصالي"
من جهته، الباحث والمحلل السياسي، عبدالناصر المودع، يرى أن ما يحدث في عدن هو نتيجة "المشروع الانفصالي"، والذي لم يكن وليد اليوم، وإنّما منذ فترة طويلة.
ويضيف المودع أنه من الطبيعي أن يمنع "الانتقالي" تحوّل عدن إلى عاصمة مؤقته للجمهورية اليمنية، "كونهم يريدونها عاصمة لدولتهم المتخيّلة والمُفترضة".
وتطرّق المُودّع إلى الممارسات السيّئة بحق أبناء الشمال، من قبل من أسماهم "الانفصاليين"، وكذلك سُوء المُعاملة، التي يتعرّضون لها كل يوم في عدن.
ويضيف أن منع النزوح السكاني من الشمال إلى الجنوب يأتي في إطار المشروع الانفصالي الذي يعملون من أجله، لافتاً إلى أنهم (الانفصاليين) مارسوا هذه الأفعال منذ خروج الحوثي من عدن، ولم يكن جديداً في سلوكياتهم.
ويذهب المُودع بالقول إلى أن سبب هذه المُمارسات بحق الشماليين والنازحين هو غياب الحكومة الشرعية، ودورها الفعلي في عدن.
ويتابع: "منذ خروج مليشيا الحوثي من عدن، لم يكن هناك أي تواجد للشرعية فيها، سوى تواجد شكلي؛ كون الذين سيطروا على عدن هم الانفصاليون، ومن ورائهم الإمارات".
وبشأن الحديث عن أن عدن أصبحت "قرية"، بسبب طرد الشماليين وملاحقة خصوم "الانتقالي"، يقول النود: "إن عدن ومنذ خروج مليشيا الحوثي منها تعرّضت لمحاولات ضرب نسيجها الاجتماعي، كما أنها تعرّضت لأبشع الأفعال، التي كانت تستهدف أمنها واستقرارها".
ويفيد النود أن "القوات الجنوبية" استطاعت تأمين عدن بشكل كبير، وأن الجرائم الجنائية التي تحدث فيها هي جرائم تحدث في كل العالم، معْزياً أسباب الفشل في إدارة عدن إلى عدم إطلاق الصلاحيات الكاملة للمجلس الانتقالي.
ويعتبر النود أن التهويل الإعلامي على الجرائم الجنائية، التي تحدث في عدن، يأتي في سياق "الحرب على القضية الجنوبية، كما أنها تأتي في إطار الاستهداف للشعب الجنوبي كذلك".
وفيما يتعلق بطرد القيادات الجنوبية المعارضة لسلطة "الانتقالي" إلى الخارج، ومحاولة التصفية لبعضهم، يؤكد النود أنه ليس لل"انتقالي" أية علاقة فيما يتعلق بقضايا الاغتيالات، معتبراً ما يجري هو محاولة من بعض الأطراف لزعزعة الأمن وتشويه "الانتقالي"، من خلال اتهامه بهذه الأمور.
الباحث المُودع يرى أنه لو كان "الانفصاليون" غير موجودين في عدن لعادت الدولة والبرلمان ووزارة الدفاع والجيش إلى عدن.
ويتابع "لو كانت عدن تحوّلت إلى عاصمة حقيقية، وكان هناك نموذجٌ لدولة قويّة، لتخلّى الناس عن الحوثي، وعادوا إلى الدولة".