تقارير
موقع عبري: السعودية تبحث خيار العودة إلى المواجهة مع الحوثيين
قال موقع عبري إن السعودية تبعث إشارات قوية بشأن استعدادها لمواجهة الحوثيين، مع تحركات لإعادة فرض السيطرة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وأشار موقع "جي إن أس" العبري إلى أنه في 15 نوفمبر بدأت الرياض استعداداتها لنشر قوات عند هذا الممر الحيوي، تزامنًا مع إصدار قرار جديد لمجلس الأمن يشدّد العقوبات على قيادات جماعة الحوثيين.
ونقل الموقع عن مسؤولين عسكريين في البحرية التابعة للحكومة اليمنية قولهم إن السعودية وجّهت وحدات بحرية حليفة بالاستعداد لعمليات تفتيش مشتركة للسفن المتجهة إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين.
وبدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تنقل هذه العمليات التفتيش من جيبوتي إلى أعالي البحار، ما يزيد من المخاطر العملياتية ويمارس ضغطًا مباشرًا على الحوثيين.
ويشير الموقع إلى أن هذا الحزم السعودي المتجدد يأتي عقب اختتام مناورات "الموجة الحمراء" البحرية في 13 نوفمبر بقاعدة الملك فيصل البحرية في جدة، والتي جمعت كلاً من السعودية ومصر والأردن والسودان وجيبوتي وفرع البحرية التابعة للحكومة الشرعية.
وقال قائد القوات البحرية في عدن، عبدالله النخعي، إن المناورات ركّزت على تأمين خطوط الملاحة وأولت اهتمامًا كبيرًا لعمليات تفتيش السفن.
وتتلاقى الخطوات السعودية مع العقوبات الأممية الجديدة التي تمنح تفويضًا صريحًا باعتراض السفن وتفتيشها في المياه الدولية.
ويشكّل الجمع بين الغطاء القانوني والتنسيق داخل التحالف والاستعدادات العسكرية السعودية تشديدًا استراتيجيًا للخناق على العمليات البحرية للحوثيين.
وفي الوقت ذاته، وسّعت السعودية حملتها الإعلامية. ووفقًا لمعهد الشرق الأوسط (IIMES)، خصصت الرياض "ملايين الدولارات" للضغط على منصات التكنولوجيا من أجل تفكيك الشبكات المؤيدة للحوثيين.
وأفادت تقارير بأن "ميتا" أزالت عشرات الحسابات المرتبطة بالحوثيين، ما دفع الجماعة للقول إن هذا الإجراء يبرهن على "رقابة" سعودية تقودها المملكة على "أصوات المقاومة".
وتأتي هذه الحملة الإعلامية في إطار نمط قائم منذ عقد من الزمن. فقد أكدت "فيسبوك" في عام 2019 أنها أزالت أكثر من 200 حساب مرتبط بشبكة تأثير مصدرها السعودية، كما وثّقت العديد من الدراسات الأكاديمية نشاطًا واسعًا مرتبطًا بالحكومة السعودية عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا).
ويعكس الضغط السعودي المتجدد على الحوثيين صراعها الأوسع مع إيران.
فكما أشارت مجلة القاهرة للشؤون العالمية مؤخرًا، تنظر طهران إلى اليمن باعتباره "ممرًا استراتيجيًا يضمن وصولًا عملياتيًا إلى الداخل السعودي في حال نشوب صراع مفترض".
وقال الخبير الإيراني في معهد القدس للاستراتيجية والأمن (JISS)، المقدم احتياط ألكسندر غرينبرغ، لموقع "جي إن أس" إن التصعيد السعودي يشير إلى استعداد المملكة لمواجهة محور إيران–الحوثيين بشكل أكثر مباشرة:
"وفقًا لهذه التقارير، يعتزم السعوديون تنفيذ عملية واسعة النطاق ضد الحوثيين. وإذا فعلوا ذلك، فسيكون مؤشرًا واضحًا على أنهم لم يعودوا يكترثون باتفاقهم مع إيران"، بحسب قوله.
وأضاف غرينبرغ أن المشهد الإقليمي تبدّل جذريًّا منذ رئاسة ترامب وتفكيك إسرائيل لوكلاء إيران:
"الجميع يدرك أن إيران ضعيفة لأنها خسرت كل قطعها على رقعة الشطرنج. لم يعد لديها محور مقاومة، وفقدت قدرتها على الردع"، على حدّ قوله.
وردّ الحوثيون بتحديهم المعتاد، مدّعين تحقيق "انتصارات على أمريكا"، ومفاخرين بـ"طرد" القوات البحرية الأميركية، بل وإعلان "إغلاق" ميناء إيلات – باستخدام الاسم العربي "أم الرشراش".
كما روّج قياديون حوثيون لاتهامات بأن السعودية دفعت "ميتا" لإزالة حساباتهم. وحذّر القيادي محمد البخيتي من أن الحرب لن تتوقف إلا تحت "حكم عبدالملك الحوثي في صنعاء أو حكمه من المدينة أو جدة".
وفي الوقت نفسه، تظهر المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون مؤشرات على تشديد القمع الداخلي. فقد كثّفت الجماعة الاعتقالات بتهمة التجسس، وأصدرت المحاكم هذا الأسبوع أحكام إعدام بحق 17 متهمًا بالتجسس. وزعم الحوثيون أنهم فككوا "مقر عمليات استخباراتية مشتركة أميركي–سعودي–إسرائيلي" يعمل من خلال خلايا صغيرة مستقلة.
ورافقت المحاكمات مسيرات حاشدة، ردد المشاركون فيها شعارات تقول إن "من يدافع عن خائن فهو خائن". كما وسّع الحوثيون قاموسهم الدعائي ليشمل مصطلحًا مختلقًا عن "تحالف من 17 دولة معادٍ للحوثيين".
وزادت الضربات الإسرائيلية الأخيرة في صنعاء من أزمة المعنويات لدى قيادة الحوثيين، حيث أفادت تقارير بأنها قتلت أو جرحت عددًا من كبار قادتهم، بينهم اللواء محمد الغماري ووزير الداخلية عبدالكريم الحوثي.
ورغم التصعيد الخطابي، لا تزال القنوات الدبلوماسية مفتوحة. فقد التقى المبعوث الأممي الخاص، هانس غروندبرغ، مسؤولين حوثيين وعمانيين في أوائل نوفمبر، إلى جانب نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي.
لكن الخبراء يحذرون من أن احتمالات سوء التقدير باتت أكبر. وقال الباحث اليمني عاصم المجاهد لمعهد "IIMES" إن "التحريض، والهجمات الإعلامية، والاتهامات المتبادلة تزيد من احتمال سوء الحسابات"، مشيرًا إلى أن المناورات البحرية السعودية تدل على "إعادة تقييم للسياسة والردع"، ولكن ليس بالضرورة حربًا شاملة.
وبحسب موقع "جي إن أس" العبري، قد يفضل الطرفان احتكاكات محدودة – مثل الطائرات المسيّرة، والتحرشات البحرية، والضربات الدقيقة – على الصراع واسع النطاق. فبالنسبة للرياض، يوسّع وجود قوات مشتركة في البحر الأحمر الخيارات التكتيكية. أما بالنسبة للحوثيين، فإن الخطاب المتشدّد يعزز شرعيتهم الداخلية كـ"حركة مقاومة".
ويرى غرينبرغ أنه في حال استمرار التصعيد، فقد يشير ذلك إلى استعداد سعودي للمضي في خطوات التطبيع مع إسرائيل.
وقال غرينبرغ: "يبدو أن السعوديين يطلقون بالون اختبار لمعرفة ردود الفعل. لقد اعتاد الحوثيون على استنزاف السعوديين، ولم يتوقف ذلك إلا حين فرضت إيران شروطها بأن يكفّ السعوديون عن محاولة التقدم في اليمن، وأن يتخلوا حتى عن مجرد حلم التطبيع مع إسرائيل".