تقارير

التجار يكسرون حاجز الخوف.. هل ينهار الاقتصاد في مناطق الحوثيين؟

26/11/2025, 06:54:13

شهدت العاصمة صنعاء موجة احتجاج وإضراب تجاري واسع، أغلقت فيها المحال التجارية أبوابها في شارع باب السلام وهائل وغيرها، وهي الرئة التجارية والاقتصادية في صنعاء، رفضًا لقرار ميليشيا الحوثي برفع الضرائب والرسوم الجمركية، في مشهد وُصف بأنه أكبر حركة احتجاج اقتصادية تشهدها مناطق الحوثيين منذ انقلابهم، بل وذهب بعض المراقبين إلى القول بأنها انتفاضة اقتصادية صامتة ضد الجبايات.

رئيس النقابة العامة للتجار في صنعاء، يعقوب المقبلي، شدّد في تصريحات له على أن الإضراب ليس عملًا عابرًا، بل موقف للدفاع عن مصالح العاملين في السوق، في مواجهة ما يصفه التجار بقرارات غير واقعية.

في المقابل تصف ميليشيا الحوثي هذه القرارات بأنها تهدف لحماية المنتجات المحلية من السلع المستوردة، كما دعت التجار إلى الاستيراد عبر موانئ الحديدة، رغم عدم قابلية تلك الموانئ على استقبال الحاويات التجارية بسبب الدمار الذي لحقها إثر استهدافها من قبل المقاتلات الحربية الأمريكية والإسرائيلية.

هذا الإضراب الذي بدأ من قطاع الملابس والأقمشة يراه مراقبون اعتراضًا جماعيًا منظمًا يكسر دائرة الصمت داخل مناطق سيطرة الحوثيين، ويطرح سؤالًا حساسًا حول قدرته على مواجهة صلف الميليشيا، ومدى قدرة الحوثيين على إدارة اقتصاد بلا نفط وبلا توافق، قائمٍ على الجبايات وحدها، وفي ظل استمرار فرض الجبايات والضرائب التي أضرّت كثيرًا بأعمال التجار وقادت عددًا منهم إلى الإفلاس.

- تضييق مستمر

يقول الصحفي والخبير الاقتصادي وفيق صالح، إن ما يحدث ضد القطاع التجاري، وخصوصًا تجار الملابس في صنعاء، يأتي ضمن مسلسل التضييق على القطاع الخاص والقطاعات التجارية، ومضاعفة الجبايات والإتاوات المالية التي تحدّ من النشاط التجاري وتؤدي إلى إفلاس العديد من التجار في هذا المجال، وتساهم في تقويض وتدمير النشاط الاقتصادي للبلاد بشكل عام.

وأضاف: "الآن، وفي ظل هذا الإضراب المتواصل لتجار ومستوردي الملابس في باب السلام بصنعاء، هناك أيضًا نزوح لكثير من رجال الأعمال والمستثمرين من العاصمة صنعاء وخروجهم خارج البلاد بحثًا عن ملاذ آمن".

وتابع: "في ظل التضييق المستمر على القطاع الخاص وعلى الأنشطة التجارية، أصبحت صنعاء وبقية المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي بيئة طاردة للاستثمار وللقطاع الخاص، وبيئة مدمرة لكافة القطاعات الاقتصادية هناك".

وأردف: "ما يحدث يأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات والجرائم ضد الاقتصاد الوطني التي لم تستثنِ أحدًا؛ لم تستثنِ أصحاب المحال التجارية الصغيرة، ولا المواطنين، ولا الشركات المتوسطة، بل كل الفئات استُهدفت بالجبايات والإتاوات المالية".

وزاد: "نحن نتحدث عن مسميات مختلفة للجبايات والإتاوات المالية ومضاعفتها بشكل مطرد وعلى مدار أيام السنة، حتى وصلت إلى 100%. وفي هذه النقطة الحرجة، عندما ترتفع الجبايات بنسبة كبيرة، يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية، لأن التاجر هنا يصبح فاقدًا لكل ربحه وتكاليفه، وبالتالي يخسر، مما يضطره إلى أن يتخلى عن العمل، ويتوقف النشاط الإنتاجي والتجاري، ويُقوَّض النشاط الاقتصادي بشكل عام، وتخسر الدولة".

وقال: "ميليشيا الحوثي لا تجد غضاضة في هذا الأمر؛ لأنها تسعى في الأساس إلى إزاحة القطاع الخاص القديم وتدمير رأس المال الوطني، وترك الساحة مفتوحة لرجال أعمال طفيليين مرتبطين بها، كوّنوا ثروات خلال السنوات الأخيرة من المال العام المنهوب ومن رواتب الموظفين المنهوبة على مدى أكثر من تسعة أعوام".

وأضاف: "ما نلاحظه اليوم من مضاعفات خطرة في هذا الإطار يعني أن السكين بلغت العظم؛ لذلك كان فيما مضى هناك تحفّظ كبير من رجال الأعمال على الممارسات التدميرية من قبل الحوثيين، والآن لم يعد هناك أحد يصمت، لأن الجميع خسران، وفي هذه الحالة لم يعد لديهم ما يخسرونه إذا صمتوا عن هذه الجرائم".

- تبريرات حوثية

يقول الصحفي التابع لميليشيا الحوثي طالب الحسني: "حتى نكون دقيقين يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها؛ ففي الملف الاقتصادي يجب أن نستخدم مصطلحات مرتبطة به. فعندما نقول جبايات، ماذا يعني؟ يعني إتاوات. وحتى حديثكم عن المجهود الحربي، هذه مصطلحات لا وجود لها".

وأضاف: "هناك قضية مرتبطة بمسألة توطين الصناعات المحلية وتوطين الأغذية. والحديث عن إتاوات تُفرض على التجار في المناسبات غير موجود، وليس قانونيًا، ويوجد فقط في مواقع التواصل الاجتماعي ويُطرح كنوع من الدعاية المضرة".

وتابع: "ما هو موجود مسائل قائمة في كل دولة. فعندما يُقال الآن إن هناك رفعًا للتعرفة الجمركية المتعلقة باستيراد صناعات يمكن أن تكون موجودة في أي بلد، فهذا ليس جديدًا، بل مطروح منذ عام".

وأردف: "حتى هذا القرار يُناقش مع الغرفة التجارية ومع النقابات التجارية ونقابة الملابس ونقابة التجار. ويمكن أن تكون هناك سلع خارجية تُستبدل بسلع محلية. ولذلك تُركت فرصة كبيرة لهؤلاء أن يبدأوا بالتعامل مع مصانع وإنتاج محلي بدلًا من الاستيراد الخارجي، لأن هناك حالة إغراق للأسواق بصناعات قد لا نحتاج لاستيرادها".

وزاد: "رقم الاستيراد في موضوع الملابس فقط يصل إلى 30 مليون دولار، وهذا رقم هائل".
وقال: "الشركات الخارجية تغرق السوق المحلي بمنتجات تكلفتها أقل، لكن جودتها ليست عالية. وهناك محاولة للإضرار بالإنتاج المحلي من خلال أرباح يطمع إليها التجار المتوسطون، وليس التجار أصحاب المحال الصغيرة أو البائعون الفرديون. فالذين يستوردون هدفهم الحصول على الأرباح فقط مقابل الاستيراد، ولا يهمهم أن يكون هناك اكتفاء".

- معركة جديدة

يقول الصحفي سلمان المقرمي إن ما ذكره طالب الحسني حول توطين الصناعات المحلية يتجاهل ما صرّح به أحد التجار بأن الجبايات ارتفعت من 5000 ريال سعودي إلى 7200 ريال سعودي دون أي مبرر.

وأضاف: "هذا الأمر يذكرنا بما كان يقوله الحوثيون في صعدة عام 2011، بأنهم يواجهون الطلاب الأجانب في دماج، وحيدوا جميع الأطراف اليمنية؛ من قبائل، ومجتمع محلي، ومساجد، وأحزاب سياسية، وحتى الحكومة، ثم أجْلوا جميع السلفيين وطلاب معهد دماج. وفي عمران قالوا إنهم لا يواجهون إلا بيت الأحمر واللواء 310 وعلي محسن، ثم اقتحموا المحافظة".

وتابع: "كذلك في صنعاء قالوا إنهم لا يواجهون إلا جامعة الإيمان والفرقة الأولى مدرع وعلي محسن، وتبين لاحقًا أنهم قضوا على القبائل وعلى التجار وعلى الأحزاب وعلى الدولة، وعلى كل شيء".

وأردف: "الآن يكرر الحوثيون نفس الأمر؛ فهذه معركة سياسية بمظهر اقتصادي، والحوثيون يخوضون معركتهم الجديدة التي تشير إلى أن الحرب مع كبار العائلات التجارية اقتربت".

وزاد: "الحوثيون يحاولون تحييد القطاعات المتوسطة والصغيرة عن المواجهة المقبلة التي ستكون مع كبار العائلات التجارية".

وقال: "في 2012، قال عبد الواسع هائل سعيد إن رأس مال مجموعة هائل سعيد يبلغ 12 مليار دولار، وهذا يوازي 15 سنة من إيرادات الدولة اليمنية من النفط. وأن يصل الحوثيون إلى هذه المجموعة ويستولوا على أموالها وبنيتها ويديرونها ويعيدون إنتاجها، فسيكون ذلك مصدرًا كبيرًا لتمويل حربهم".

وأضاف: "نعرف أن الحوثيين تعرضوا مؤخرًا لسلسلة واسعة من العقوبات، وشركاتهم لديها أيضًا عقوبات، وتعمل بجهود صعبة لتفاديها، كما في قطاع الوقود. لكن أن يستولي الحوثيون على مجموعة وطنية رائدة مثل مجموعة هائل سعيد، ملأت فراغ انسحاب الدولة، وتحمل قيمًا وطنية، وتعمل على تنمية الاقتصاد، فذلك يعد أكبر جائزة لهم".

وتابع: "هناك من يقول الآن  - حتى من الحوثيين - إن هذا الإضراب هو رد فعل من قبل المجموعات الكبيرة، خاصة مجموعة هائل سعيد".

تقارير

"الحلقة المفرغة الاقتصادية".. هل تنجح الإصلاحات أم تبقى مجرد شعارات؟

وعود كثيرة واجتماعات متكررة ونتائج صفرية، هكذا يقول اليمنيون وهم يصارعون أزمة اقتصادية خانقة، وينتظرون حلولاً من المجلس الرئاسي والحكومة. فمنذ قرابة شهر على صدور قرار مجلس القيادة الرئاسي بشأن الإصلاحات الاقتصادية وتوحيد الإيرادات، يظل الحديث يتكرر في كل اجتماع يضم المجلس ورئيس الحكومة، لكن يبدو أن لا شيء تغيّر حتى الآن

تقارير

زيد الشامي: ليس أمام اليمنيين سوى الالتفاف حول الدولة مهما كانت ضعيفة

قال القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، زيد الشامي، إن الحزب انتهج منذ تأسيسه خيار السلام والتعايش والحفاظ على الوطن، والمساهمة في بنائه، وتعزيز قيم الاستقرار، وتقديم النصيحة للحاكم، والعمل على إصلاح الناس، شأنه شأن الحركات الإسلامية التي لم تتمرّد في أي وقت على الدولة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.