تقارير
كيف أصبحت الأزمة اليمنية جزءا من التعقيد والصراع الإقليمي؟
كلما تشابكت الأزمة اليمنية بالأزمات والحروب الناشبة في الإقليم، زادت تعقيداتها وفقدت خصوصيتها، ونسي الناس جذور الصراع القائم منذ عشر سنوات، وأصبحت المعاناة الإنسانية الأليمة في اليمن غير مرئية.
وعلى ما يبدو، فقد نجحت ميليشيا الحوثي في جر اليمن نحو المعترك الإقليمي، رغبةً في إطالة أمد الصراع، لكن هل سيكون هذا في صالحها؟ ما زالت المعادلات الإقليمية لم تتضح بكل أبعادها، لكن ما هو أقرب أن الحل في اليمن لن يأتي إلا من خلال تسوية إقليمية ودولية.
- أقلمة الحرب
يقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات عبد الغني الإرياني، إن أقلمة الحرب في اليمن جعلت من اليمن طرفًا في الخسارة، وليس طرفًا في الربح.
وأضاف: عندما كانت الحرب في الستينيات ضد الملكية، استمرت الحرب سنوات بسبب وجود الأطراف الخارجية الإقليمية بقوة في الصراع في اليمن، وعندما انسحبت الأطراف الإقليمية استطاع اليمنيون أن يحسموا المعركة لصالح الجمهورية ويوقفوا الحرب.
وتابع: الحاصل الآن هو أن اليمن تخدم أهدافًا ليست أهداف الشعب اليمني، ولا شك أن الجميع يوافق على أن الوقوف في صف الفلسطينيين في غزة نبيل، وهو يهم كل اليمنيين، ولكن كل إنسان بقدر ما يستطيع.
وأردف: أنا أعتقد أن الفائدة التي يحصل عليها الفلسطينيون من مساهمة الحوثيين في الحرب أقل من الضرر الذي يلحق باليمنيين نتيجة ذلك.
فيما يتعلق ببناء القدرات العسكرية اليمنية لحماية البحر الأحمر، قال الإرياني: إن هذا الأمر يستغرق على الأقل 10-15 سنة من الدعم الحقيقي المتواصل، وفي نفس الوقت لا يوجد الإطار القانوني والسياسي للعمل المشترك بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر لكي تعمل بشكل جماعي لحماية البحر الأحمر.
وأضاف: أنا في رأيي أن هذا العمل هو عمل دعائي أكثر منه عملًا جادًا وجدّيًا، فالدول المهتمة الآن بأمن البحر الأحمر لا تهتم بمصلحة الشعب اليمني ولا بإيقاف الحرب وإعادة الدولة اليمنية إلى مسار تنموي قابل للاستمرار، كل ما يهمها حل المشكلة.
وتابع: الحل بالنسبة لليمن لا يمكن أن يكون إلا محليًا، والدول الإقليمية لها مصلحة في استمرار الحرب في اليمن، وبالتالي فإن أقلمة الحرب كانت خسارة للشعب اليمني.
- أزمة إقليمية
يقول الكاتب أحمد شوقي أحمد: أعتقد أن الأزمة اليمنية منذ البداية لم تكن محلية، بل كانت أزمة إقليمية، فالملف اليمني ملفٌ أمني، ليس خلال هذه الأزمة والحرب التي دارت في العشر السنوات الماضية فقط، ولكن أيضًا خلال العقود الماضية.
وأضاف: كانت اليمن تمثل ملفًا أمنيًا مقلقًا للإقليم وللقوى الكبرى بشكل عام، ولكن كان حجم القلق فيه محدودًا، بسبب وجود فاعل محلي يستطيع أن يدير التناقضات في الداخل.
وتابع: اليوم الملف اليمني أيضًا هو ملف أمني بالنسبة للخارج، لكن التطورات التي تمخضت خلال العامين الماضيين، من خلال التداخل الحوثي بشكل فج مع السياسة الإيرانية، وفيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة، ربما جعلت الملف اليمني ملفًا دوليًا، وخصوصًا فيما يتعلق بدور جماعة الحوثي في المنطقة.
وأردف: هذا ربما قاد إلى اهتمام أكبر بالوضع اليمني، ولكنه أيضًا في المقابل، كما هو الحال خلال السنوات الماضية، ظلت الحكومة الشرعية مقيدة أيضًا بما يراه الخارج من رؤى لحل الوضع في اليمن بمصالحة ومشاغلة.
وزاد: تدخل الحوثي في الحرب ضد إسرائيل لم يكن تدخلاً يمنيًا، بل كان تدخلًا إيرانيًا حوثيًا، والغرض لم تكن قضية غزة، بل قضية النفوذ الإيراني والأذرع الإيرانية في المنطقة.
وقال: هناك صراع على النفوذ، صراع على الدور في المنطقة العربية ما بين إسرائيل وما بين إيران، لكن اليمن ليست طرفًا في هذا النزاع، وإن كانت متضامنة بكل قوة مع الفلسطينيين، ولكن في حدود إمكانياتها وقدرتها، وليس على سبيل المتاجرة بدماء الناس في هذه المعركة.
وأضاف: هذه الحرب التي تدور في البحر الأحمر، والصواريخ التي تُطلق على إسرائيل، بالتأكيد لن تؤدي إلى زوال الدولة العبرية، ولا تشكل ضغطًا حقيقيًا لإنهاء الحرب في غزة، وفي المقابل أيضًا جماعة الحوثي تكتسب شرعية أخرى لاستمرارها في السلطة، من خلال ادعاء هذه القضية.