مقالات

عاصمة موجوعة بالفقدان!!

28/08/2023, 16:55:29

قبل وقت قصير، كتب الدكتور راغب القرشي، المقيم في قطر، منشوراً مُرفِقاً معه نصاً غنائياً عذباً جميلاً لمحمود الحارثي، جعله يتأوه من أعماق قلبه متحسراً على سنوات عمره التي فارق فيها صنعاء؛ متمنياً لو كان هؤلاء الناس في الهضبة تفرغوا للفن، وتركوا اليمنيين يبنوا اليمن ليصلوا بها إلى آفاق عليا من التقدم والنمو، بدلاً من هذه الحروب التي أدمنوا عليها، فدِّمروا كل ما في اليمن وصنعاء من جمال وفن وحياة.

كثيرون جداً من اليمنيين كانت صنعاء قِبلة قلوبهم، ومهوى أفئدتهم بكل ما تمتلكه من جمال طبيعي وجبال مطلة، وتعايش وتجانس اجتماعي، وانفتاح ثقافي، وتوسع علمي، وملتقى حضاري وإنساني، جعلت من اليمنيين شعلة من النشاط الدؤوب، والعمل والتطلع للمستقبل في كل مجالات الحياة وأشتاتها، منها ومن ربواتها وجامعاتها  تُخرَّجَ فلذات أكباد اليمن جميعاً، بعلمائها  وسياسيها ومثقفيها ومهندسيها وصحفيِّها... الخ!!

كانت صنعاء مهوى الأفئدة والثَّوار والعقول والقلوب المتطلِّعة للحياة والمستقبل والتقدم؛ باعتبارها عاصمة اليمنيين جميعاً بلا استثناء، وكان من لا يعرف صنعاء فهو لا يعرف اليمن، ومن يعرف اليمن حتماً عليه زيارة صنعاء أو العيش فيها ردحاً من الزمن، طال أم قصر، وكل من لم يدرس في صنعاء تمنَّى لو أنه درس في صنعاء، وتنقل بين مدارسها وجامعاتها ومثقفيها وندواتها ومكتباتها وفعالياتها الفنية ومسرح هوائها الطلق.

في صنعاء كنتَ ترتحق الثقافة من مصادرها، وترتشف الشعر من معينه الكثير الغزير، وتسكر من مطرها وطبيعتها وزرعها وعنبها وزبيبها حين تتهيأ كل الفصول، ابتداء بخريفها وحتى بشتائها، صنعاء كانت جميلة من أي وجهة لثمتها أو أقبلت عليها، كانت فاتنة من أي الأبواب دخلتها، وكانت غانية وأنت تراقصها ممسكاً أطرافها من وادي ظهر إلى شلال بني مطر، أو من بني حشيش أو من عصر والشمس تودعها وناسها وأطفالها وشبابها بكل حب مرسلة أشعة شمسها الذهبية، وهي تغرب هناك في الأفق البعيد، متجهة نحو تهامة وأوديتها السحيقة.

صنعاء افتقدت، ومازالت، وستظل تفتقد كل من غادرها كرهاً، صنعاء الجاذبة لكل العقول والقلوب أمست اليوم لا تعترف بقصص الحب التي نشأت وربطت، منذ عشرات السنين، بينها وبين اليمنيين الذين ارتموا في أحضانها، وخاضوا الصعب، والسهل من أجل عينيها وعيون اليمن جميعاً.
لقد أصبحت ليالينا في صنعاء أضواء خضراء مجردة من المشاعر ومليئة بالزيف، لقد تم تلطيخ الوجه السبئي والحِميري والإنساني لصنعاء بألوان شوَّهت الأذواق، وأفسدت القلوب، وملططت الوجوه بمشاعر زائفة؛ ظاهرها التطبير والتقديس المزيف، وباطنها الجبايات والجبايات والجبايات..!

رحلت الأضواء البيضاء السبتمبرية المجيدة، وبقيت الألوان الغريبة، تصفع عيون أهلها ومحبيها الحقيقيين كل مساء، لم يبقَ لصنعاء غير ضوء القمر الذي لو كان بإمكانهم تلوينه بطائفيتهم وسلاليتهم لفعلوا، ولحولوه إلى لون أخضر بائس، بل ولفرضوا على رمله وحصاه الجبايات والإتاوات، ولكن ليس لديهم حيلة الوصول إلى هناك.

إن صنعاء المسكينة المستسلمة لقدرها حتى الآن مازالت الحياة فيها تتقلب ذات اليمين وذات الشمال، و"قردهم، باسطٌٌ ذراعيه بالوصيد، ألله أعلم بعددهم  وعدتهم، وعددد السنين التي سيتقلبون فيها بالبلاد، حتى تعود صنعاء لكل ناسها ومحبيها من كل اليمنيين. لطالما فعلت صنعاء ذلك، ولطالما لملمت أبناءها تحت جناحيها حتى مطلع الفجر.

صنعاء محبوبة اليمنيين، وقبلتهم وكعبتهم، مهما تفرَّقت باليمنيين السبُل والمسالك ومهاوي الرَّدى، ولا بُد من صنعاء وإن طال السفر وإن طال الاختطاف.
.........................
غرِّدين يا طيور جو الخريف قد تهيأ  والعِنَبْ في طريقه
والليالي سرور في قرب باهي المُحيَّا نرتشف طعم ريقه
نجتني في البكور من كل عنقود شوية والصباح في شروقه
حاتمي كالمُدام من حظايا رُجام حل ما هو حرام ظل من عهد سام

مقالات

حقوق المرأة في الولاية بين قادة السلف وبناتهم

في المطلب الثاني: انتهاكات وإهانة الأمم المتحدة للمرأة، يتناول الدكتور بعض قرارات الأمم المتحدة، ويعتبرها انتهاكًا لأعراض النساء في العالم، وجنايةً على البشرية من فرض الزنا والفاحشة، وانتهاك السيادة الوطنية.

مقالات

القائد.. فاعل خير!

الوضع المعيشي في اليمن يتدهور على نحو مروّع، في حين تعمد بعض قيادات السلطة إلى إنتاج مشاهد مؤذية ومهينة لليمنيين بلا خجل. هؤلاء الذين تقع على عاتقهم مسؤولية مواجهة الانهيار الاقتصادي المريع في البلاد ووضع حلول للمجاعة، اختاروا استغلال المجاعة ذاتها، تلك التي ساهموا في صناعتها، فصيّروا أنفسهم “فاعلي خير”!

مقالات

قيادة منذورة للفشل

التفاصيل، التي أحيطت بتشكيل مجلس الثمانية بقيادة رشاد العليمي في أبريل 2022، كانت من بدايتها غير قابلة للحلول على الأرض.

مقالات

أطماع خليجية ساذجة وصرخات حوثية مؤجلة!

في زمن تُدار فيه الصراعات كسيرك جيوسياسي، تقف دول الخليج، بقيادة السعودية والإمارات، على خشبة مسرح اليمن، تُلوح بسيوفها اللامعة وهي تُغنّي أناشيد النصر، غافلة عن أن الأرض تحت أقدامها تتحرّك، والحوثيون -بدعم إيراني وتغاضٍ دولي- يُحكمون قبضتهم على الحبال.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.