مقالات

طفولة أعياد القرية!

18/06/2024, 16:18:34

ذكرياتنا الندية عن أعياد الطفولة شجن لا ينتهي. الحنين للمّة العائلة الكبيرة، الأحضان الدافئة للأب والأم والجدات، مرح أرواح الأطفال وهي ترسم العِيد ببهجة جذلى للقلوب الغضة، أصوات الألعاب النارية وهي تقرع جرس إيذان العِيد بالمرح الشقي، عناق الأهل وزيارة الأرحام والأقارب، سلام الجيران وتهانيهم العِيدية "المقدسة"، وعلي الآنسي.

عيد حقيقي يتجلّى فيه الفرح باعتباره عائلة ممتدة، مجتمع متحاب، وبساطة لطيفة وتلقائية تؤثث القلوب، وتصنع للفرح مقاماً لائقاً في المكان والزمان.

لا مكان يشبه القرى حين يغمرها العِيد بأفراحه. عند الفجر يستيقظ الأطفال وقد ناموا بعين واحدة. قبلهم تكون شلالات الفرح قد تدفقت من النبع في قلوب الأمهات، بدءاً من صلاة الفجر ثم صلاة المحبة التي لا تضاهى، حيث تمسح القلب قبل الجسد؛ روح حانية تصفف هندامك الجديد وقد وضعت قلبها في كل خفقاتك.

تغادر المنزل وأنت برفقة أبيك إن صادف وقد عاد من غربته، أو برفقة أشقائك وأقرانك وقد تزوّدت بقسط وافر من الألعاب النارية (الطماش) قبل ليلة واحدة على الأقل.

كان علي الآنسي جزءاً من العِيد وقد صار صوته وناطقه الذي لا يخلف الموعد. استمر باعتباره نشيد العِيد وأغنية يومه، يرافق المحتفلين وهو يصدح، من كاسيتات السيارات المتجهة إلى المصلى تحمل جموعاً من أهل القرية والقرى المجاورة، بصوت عذب ينادي للفرح: اضحك مع الأيام  

وابرد من الأوهام

واسبح مع الأنغام

وافرح بهذا العيد..

آنستنا يا عِيد

على هذا النّغم المفعم بالمحبّة ووصايا التسامح حتى مع العدو يذهب الناس إلى مصلى العيد "الجبانة"، هناك يؤدي المصلون صلاة العِيد، وفي المحيط يؤدي الأطفال صلاتهم، يطلقون شحنات الفرح مع دعائهم المفضّل بإشعال الألعاب النارية!

لا يكاد يفرغ الخطيب من خطبته حتى يقف الناس في دائرة للسلام على بعضهم، لكأنّ العِيد صابون القلوب يغسلها من البغضاء فيعود الناس إلى منازلهم وقد تخلصوا مما علق بأرواحهم في زحمة الحياة ومضمارها المخيف.

في عِيد الأضحى، تتحوّل الأضحية إلى صِلة لتعميق القُربى والتواصل مع الجيران بصورة حميمة. غالباً يتمثّل أبناء الأرياف التعاليم الرائعة للإسلام في إهداء جزء من لحم الأضحية إما للجيران أو التصدّق بقسم منها للمحتاجين. مجتمع القرية الصغير أقرب إلى بعضه تضامناً وتكافلاً، وهناك روابط ووشائج عديدة تجعلهم أقرب إلى بعضهم في أوقات الفرح والشدة كذلك.

والأعياد في القرى ليست مناسبة دينية فحسب، بل موسم لعودة الغائبين، ولمِّ شمل المحبين، وعناق المفارقين الذين أبعدتهم الغربة وطلب الرزق عن أولادهم وأزواجهم.

يختص عيد الأضحى أكثر بهذه الفضيلة؛ باعتباره "العِيد الكبير" حيث يؤوب التجار والعمال في المدن إلى مسقط الرأس، ويكون موعداً لعودة من طالت به الغربة خارج البلاد عن أسرته ليفرح مرات ومرات عدد خفقات القلب.

هذه المزايا جميعاً في العِيد الكبير تحيل أسواق القرى أو الأماكن العامة التي يتجمّع فيها الناس إلى مكان لانتشاء الأرواح والأقدام معاً على وقع الطبول في ألوان من البرع، حيث تلتمع الجنابي، ويتصبب "المبارعة" فرحاً وقارع الطبول ولعاً.

أما الأطفال الذين يحظون بالتقاط الصور من قِبل هواة يحملون الكاميرات، أغلبهم مغتربون، فإن عِيدهم يتحوّل إلى ذكرى لا تبرح الصُّور التي وثّقت فرحتهم بثيابهم الجديدة وعِيدهم الذي يُبلى ولا يُغادر الصورة!

أتخيّل كثيراً من هؤلاء الآن يطالعون ألبُوم الذكريات وهم ينظرون إلى أطفالهم أو أحفادهم، وقد غزاهم الشيب، أو يكاد، تغمرهم مشاعر حنين، يودون لو أن الزَّمن يعود بهم إلى الوراء ليمنحهم مهلة طفولة أخرى، في القرية نفسها والزَّمن عينه وقد نسي أن يتحرّك!

مقالات

شمال الحوثي .. جنوب الانتقالي

لا تكمن المشكلة في تصرفات المجلس الانتقالي، بل في الذين يتوقعون منه أن يكون كيانًا عاقلًا ومسؤولًا لديه التزامات تجاه أتباعه وشركائه. النقطة الحرجة التي تدحرج منها الانتقالي، ليكون هذا الذي هو عليه الآن، ليست قرارات عيدروس في 10 سبتمبر الجاري، بل قرار الفاعل الإقليمي برعاية الانقلاب الثاني في 10 أغسطس 2019.

مقالات

ما بعد القمتين؟

في الرابع عشر والخامس عشر عُقِدت في الدوحة قمتان: عربية إسلامية، وقمة خليجية، كردٍّ على الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر في التاسع من هذا الشهر.

مقالات

أزمة مجلس القيادة الرئاسي في اليمن وانعكاساتها السياسية

تشهد الساحة اليمنية منذ أسابيع تصاعدًا ملحوظًا في حدة الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي، الذي شُكّل في أبريل 2022 بدعم سعودي–إماراتي، ليكون مظلة سياسية وعسكرية لإدارة المرحلة الانتقالية ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية، غير أن تضارب الأجندات الإقليمية وتباين مصالح القوى اليمنية المشاركة سرعان ما انعكس على أدائه، لتتحول مؤخرًا إلى أزمة تهدد تماسك المجلس نفسه.

مقالات

ثلاثُ ليالٍ بقيتُ ضيفًا على جُنودِ المظلّات

كنتُ صباح كلّ يومٍ أذهب إلى الكليّة الحربيّة لأداء امتحانات القبول، وقبل إعلان النتائج بيومين كان المبلغُ الذي جئتُ به من الحُديدة قد تسرَّبَ من جيوبي. حتّى إنني في صباحِ اليومِ الذي ذهبتُ فيه لمعرفةِ النتيجة، ذهبتُ وأنا بلا عشاءٍ ولا صَبوح.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.