مقالات

اليمنيون في الشتات.. هل أصبح اليمن بلداً افتراضياً؟ (1-4)

04/11/2024, 13:40:40

بطول العالم وعرضه، ينتشر اليمنيون بأعداد متزايدةٍ، كأن لم يعد أحدٌ منهم في الداخل لا يحلم بالمغادرة بسبب ازدياد شظف العيش، والخوف من المجهول، ولا أحد منهم في الخارج يفكر في الرجوع، فالأخبار لا تسر، عن نزاعات هنا واقتتال هناك، عن تفشي الفساد وانهيار العملة، إلى غير ذلك من مظاهر التراجع والانهيار على أكثر من صعيدٍ اقتصادي وسياسي واجتماعي عام .

لا وجع اليوم على يمنيين كثرٍ في بلدان الشتات أشد من أن يتصوروا، في أشد حالات الحنين إلى ديارهم، من أن وطنهم الذي عرفوه يوشك على الذهاب إلى زوال كـ (دولة) ولم يعد أمام أعينهم سوى بلدٍ افتراضيٍ، لا وجود له في أحسن حال إلا على الخارطة ليس إلاَّ .!

ليس في هذا أي نوعٍ من التشاؤم بل هو واقع الحال دون مغالطةٍ أو تنميق .

بسببٍ من الصورة الشائنة التي رسمتها الحروب ودورات العنف المتوالية عليه، كل عشر سنوات تقريباً، يجد اليمني اليوم نفسه في حرجٍ من تلك الصورة التي ارتسمت في أذهان الآخرين عنه، في المنطقة والعالم، دولاً، وحكوماتٍ ومجتمعات..

حتى أن وسائل إعلام وصحافةٍ عربيةٍ ودولية ما فتئت تقدم اليوم اليمن على أنه ذلك الشعب المحترب المتباغض، والمجتمعات الجهوية المنقسمة إلى نطاقاتٍ مكانية أو شبه جزر منعزلة عن بعضها لا يحكمها قانون واحدٌ ولا دولة واحدة متماسكة، والمتوزع بين طبقات وفئات وقبائل وجيوش تكدس لديها السلاح بفعل تلك الحروب والصراعات.

من المحزن ان يتناسى كثيرون حول العالم كل جميل قدمه اليمن للتجربة الإنسانية عبر تاريخه الطويل، القديم منه والحديث.

ولم نعد نجد في وسائل الإعلام الأجنبية حديثاً عن حضاراته التليدة وما لا يزال يحتفظ به من موروث إنساني، ثقافي، إجتماعي، وغير ذلك إلاَّ لماماً .


ذلك لا يعني أن صورة الواقع اليمني في الداخل أفضل أو أقل سوءًا من تلك الصورة في الخارج.. أغلب اليمنيين في الداخل لا يقل شعورهم بالغربة في واقع بلادهم الغريب عن شعور إخوتهم في الخارج.. مغادرة كثير من اليمنيين إلى دول أخرى سواء للعلاج أو البحث عن الأمان في بلدان أخرى لايقل صعوبة عن عودة كثيرين إلى ديارهم وأهلهم، وذلك باستثناءات خاصة خارج ما هو اليوم شبه قاعدة عامة .

غربة غالبية اليمنيين داخل بلادهم أو خارجها مشكلة قديمة جديدة، معقدة ومركبة، بل وتتفاقم كل يومٍ أكثر فأكثر مع تضاؤل الآمال في إيجاد نهاية لحالة الصراع والتمزق الاجتماعي، والتوصل إلى (حل سياسي) لاستعادة الدولة وإعادة فرض سلطة القانون بأي صيغة كانت، مركزية أو فيدرالية.

ذلك وحده هو ما يمكن أن يساعد على استعادة اليمنيين اليقين والثقة بأنفسهم والاعتبار بذاتهم الوطنية، وفي ترميم صورة اليمن في الخارج، بما يخفف من شعور الناس في هذا البلد بالغربة في عالمٍ بات غير مستعدٍ لمساعدة من لا يساعد نفسه.

يجدر بنا أن نتذكر أن الطبيعة لم تكن هي وحدها التي خذلت "اليمن الجميل" بالجفاف والفقر، كما قال (محمد حسنين هيكل) لكن الحروب والأزمات والصراعات السياسية التي هي من صنع الإنسان هي من ألقت به في متاهات هذا الاغتراب المؤلم أيضاً.

في هذه السلسلة من المقالات الخاصة لـ (موقع بلقيس) سوف أحاول الإحاطة بأبعاد ظاهرة (الغربة) هذه من زوايا مختلفة، وذلك من واقع المعايشة والتجربة التي كابدتها شخصياً وعرفتها في العمق، خلال خمسة عقود على الأقل من حياتي، داخل وخارج البلاد.

مقالات

رحلتي الجهنمية إلى عدن - ٢- (سيرة ذاتية -٢١-)

عند وصولنا آخر منحدر في "نقيل سُمارة" اصطدمت سيارتنا بسيارة بيجو قادمة من أسفل النقيل، ولا أذكر ما الذي حدث بعد ذلك. أذكر فقط أنني وجدت نفسي راقدًا فوق سرير في مستشفى بمدينة إب، وكل عضو من أعضاء جسدي يكاد يصرخ من شدة الألم.

مقالات

الهارب من الجحيم متهم في المخا

في المخا تُعامَل كلّ نفسٍ هاربةٍ من بطش الميليشيا كما لو أنها خيانةٌ تمشي على قدمين. وكأنّ النجاة من الجحيم أصبحت جرمًا يستوجب العقاب، لا حقًّا من حقوق الإنسان والوطن. بيدَ أنَّ من أبسط مقوّمات الانتماء أن يُتاح لليمني أن يعود إلى حضن أرضه، مهما تلطّخ ماضيه بظلال الخديعة

مقالات

مستقبل العمل الإنساني.. إلى أين؟

تتجه أنظار كثيرين حول العالم إلى العاصمة اليمنية صنعاء، حيث أعلنت جماعة الحوثيين الأسبوع الماضي عن تقديم 43 موظفاً في بعض وكالات الإغاثة الدولية، من أصل 59 تحتجزهم الجماعة، إلى المحاكمة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل

مقالات

ما وراء حرب الإبادة في السودان

يشهد السودان حربَ إبادةٍ يحاول صُنّاعها تقليدَ ما يجري في غزة، حتى في الحصار والتجويع وقتل الأطفال. السودان متسع كقارة، وله جوار مع سبع دول، وقبلًا مع تسع دول.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.