مقالات

اتفَقوا على أن يختلفوا..

03/04/2023, 11:38:22

يبدو ألّا اتفاقَ حقيقياً في الأفق على إنهاء مشهد الحرب في اليمن، وأن جميع الأخبار بهذا الشأن تحمل قدراً كبيراً من الزيف والكذب والبهتان. فالبهتان لليمن عنوان!

الكل يكذب على الكل في هذا البلد، وبصدد هذا البلد، وحوالي هذا البلد، ثم ينشرون كذبهم ويوثِّقونه ويجاهرون به على الملأ، ولكنهم يسعون لتغليفه بسوليفان الصدق الزائف.

نشر بعض ساسة اليمن وحُكَّامها مذكراته أثناء حياته، وبعضهم نُشرت مذكراته بعد مماته، وكلتاهما كانت محشوة بزيف واضح في المعلومات، أو جُبن فاضح في التناول.

وإذا كان صاحب النوع الأول من المذكرات متهما بمفرده، فإن المتهم في النوع الثاني يشمل صاحب المذكرات والقائمين عليها بعد رحيل صاحبها - معاً - فربما تدخَّلوا في مادتها الأصلية بالشطب أو الإضافة أو التعديل أو التحوير.

ومشكلة زيف التاريخ السياسي اليمني - المكتوب بأقلام بعض الساسة والحُكَّام - قديمة العهد ومُعقَّدة التركيب. ولا زال الناس يختلفون بصدد شخص ما - في مجرى أحداث هذا التاريخ - أهو بطل وطني أم خائن للبلد، زعيم أم عميل، شجاع صنديد أم جبان رعديد؟.. أو هل كان دوره في هذا الحدث التاريخي أو ذاك قيادياً وريادياً، أم كان ثانوياً وعادياً؟

اختلفوا منذ الأسود العنسي حتى علي عبدالله صالح. واختلفوا حول السلَّال والزبيري والنعمان. واختلفوا حول الثلايا وابن الوزير الفُلاني وابن حميد الدين العلاَّني. واختلفوا بصدد قحطان وفيصل ورجالهما، وبصدد سالمين وعبدالفتاح وأتباعهما، وحول يحيى وأحمد والقردعي والعواضي وعبدالرقيب، وحول رأفت ونسرين وعصمت وصابرين ومدحت وشيرين!

ثم اختلفوا حول هذه الثورة أو تلك الحركة، وتشابه البقر عليهم بين هذي وتلكم، فيما زاد الخلاف واتَّسع الاختلاف بين الانقلاب الذي، والحرب التي، والتمرد القابع بينهما في واحد من أعتم دهاليز التاريخ. ويوم أجمع العرب والعجم على معظم تفاصيل مذبحة المماليك في قلعة محمد علي، اختلف أبو يمن حتى الساعة في أبسط تفاصيل مذبحة يناير عدن وأحمد مساعد ومحمد علي.

واختلف اليمنيون، ولا زالوا، وسيظلون إلى يوم الدِّين حول الوحدة اليمنية، وحول الدعوة إلى الانفصال. وأقسم بالله العظيم أن يوماً سيأتي سيكون فيه عيدروس الزبيدي في صف الوحدة وعمر الجاوي مع الانفصال.

لقد اتفق اليمنيون منذ البدء على أن يختلفوا. كانوا ينخرطون في هذا الدين أو ذاك، يدخلونه إما بالسيف أو بالسلم، أفواجاً أو فرادى، عن وعي أو عن جهالة. ثم يخرجون منه إلى غيره لسبب أو بدونه، بالجملة أو بالتجزئة. وفي أغلب الأحوال، لا يدري أبو يمن لِلْمَه دخل في هذا الدين أو ذاك الحزب أو تيَك الجماعة، وليش خرج أو انشق أو تمرَّد أو ارتد؟

واليمنيون في البيت الفاميلي الواحد يختلفون بصدد اسم المولود - مثالاً - فيقع بينهم حامي الوطيس الذي لا يبرد إلاَّ إذا تدخَّل العقيد معمر القذافي واقترح أن يحمل المولود اسمين: أحدهما يُنادى به في الحافة، والآخر يُدوَّن في سجل المدرسة.

في تاريخ اليمن المكتوب جبال من الكذب وبحار من الزيف، أكثر بكثير مما هو متوافر في تاريخ اليمن المرويّ. وفيه أشخاص لا تدري من أية حفرة دخلوا فيه، أو من أية بؤرة خرجوا منه؟

وفي هذا التاريخ حالات أشبه بالتنجيم لا التحليل، وتختلط الأحاجي بالتفاسير، ويوم أن تعثر على نقطة في مجراه، تتعثر بفاصلة في مسراه. وإذا بك لا تقرأ تاريخاً، بل تعدم أبجدية. فمن يقرأ تاريخ اليمن السياسي، يعجز بعدها عن قراءة اسمه بشكل صحيح!

مقالات

حكاية الكافرة شُجُون ناشر (2-2)

عندما سألت شُجُوْنْ ناشر الدرويش عبد الحق عن السبب في أن الفقهاء يحرِّمون الغناء؟، قال لها الدرويش إن الفقهاء يحسدون المغنيين على أصواتهم الجميلة

مقالات

"بلقيس" لا تطفئ الشموع

ربّما زهرة العمر قضيتها في قناة "بلقيس"، كنتُ قادماً من عملٍ في وسيلة إعلام رسمية ممتلئة بالمحاذير إلى وسيلة شعارها "صوت كل اليمنيين"، كان ذلك بمثابة انتقال بين عالَمين.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.