تقارير

معركة الريال اليمني بين تلاعب السوق وصراع النفوذ على القرار المالي.. من يعرقل جهود البنك المركزي؟

03/09/2025, 12:36:25

في غضون يومين فقط، اهتزت الأسواق اليمنية على وقع تلاعب في أسعار الصرف، إذ انخفض الدولار ثم قفز في مسار مربك، ترك الناس في حالة صدمة من لعبة واضحة في السوق النقدية.

لكن يبدو أن المعركة الاقتصادية أكثر من مضاربة في سوق الصرف، إذ حمل بيان البنك المركزي الأخير تحذيرًا من حملات تحريض وتشويه تستهدف استقلاليته وصلاحياته من قبل بعض المحسوبين على الأجهزة الرسمية. وصفها مراقبون بأنها حملة غير بريئة في لحظة زمنية خطيرة تستدعي وقوف كافة المؤسسات الرسمية في خندق واحد وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في ظل وضع يقترب من الانهيار الشامل والعجز عن تسليم المرتبات.

المعركة لم تعد حول سعر الدولار فقط بل حول من يملك القرار المالي، هل هو البنك المركزي كسلطة سيادية، أو جهات أخرى في الدولة، أم نافذون فقدوا مصالحهم بالإصلاحات الأخيرة؟

محاولة الحفاظ على المكاسب

يقول الخبير المصرفي والاقتصادي، رشيد الآنسي، نكون غافلين إذا اعتقدنا أن النافذين الذين استغلوا الوضع لمدة تقريباً عشر سنوات، ومن خلفهم أيضاً الجماعة الحوثية، أنهم سوف يستسلمون بسهولة، لا أعتقد أن ذلك وارد ومن يعتقد أنهم غُلبوا فهو واهم، فما زالوا مستمرين ويحاولون قدر الإمكان الحفاظ على مكاسبهم والحفاظ على مصالحهم.

وأضاف: ما زلنا في البداية وما زال أمام البنك المركزي الكثير حتى يقوي من أدواته ويقوي من إجراءاته في القطاع المصرفي بشكل كامل وتطبيق وتنفيذ السياسة النقدية اللازمة، خاصة ونحن ما زلنا في بداية المشوار.

وتابع: ما جرى في نهاية الأسبوع الماضي، أوضح أنه فعلاً كان هناك متربصين بشكل كامل على البنك المركزي، والمشكلة أن هناك أفراد من جهات رسمية، كانوا يحرضون ضد البنك المركزي.

وأردف: حدث ذلك، وما كان يجب أن يحدث، ما كان يجب أن يتم هذا الإرباك لمحاولة إضعاف أو سحب الثقة من البنك المركزي، بعد أن بدأ الناس يستشعرون الثقة بمؤسستهم النقدية (البنك المركزي).

وزاد: حاول هؤلاء الأشخاص إرباك المشهد نوعاً ما، لكن استطاع البنك المركزي خلال اليومين السابقين من إعادة التوازن إلى السوق وفرض السعر الذي حدده وفرض آلية رقابة جديدة، وأعتقد أن البنك المركزي خلال الأيام القادمة سوف يكشف عن كثير من الأمور التي اتضحت خلال اليومين السابقين، وستكون هناك عقوبات صارمة سوف توجه تجاه أفراد ومؤسسات نقدية بحد ذاتها.

سعر لا يعكس قوى السوق

يقول الباحث الاقتصادي حسام السعيدي، إن البنك المركزي وضع سعر لا يعتمد على أداء السوق في الحقيقة، وهذا السعر الذي وضعه البنك مع الأسف لا يعكس بشكل أساسي قوى السوق، وفي واقع الحال إذا كان هناك تروّي أكثر في هذا الموضوع وعدم الجري وراء تحديد سعر معين، لأنه يفترض قبل تحديد سعر معين، يجب أن يكون هذا السعر يعكس قوى السوق.

وأضاف: إذا كان هذا السعر فقط سعر ارتجالي، أو لا يعكس قوى السوق، سيكون هناك اختلالات في السوق نفسه، وهذا يجب أن نعرفه كمشكلة قائمة.

وتابع: من يتحكم؟ في النهاية سعر الصرف هو نتيجة تفاعلات، وهو مؤشر وليس هدفاً بحد ذاته، فليس الهدف أن يكون لدينا سعر ثابت، وإنما سعر الصرف هو الذي يعكس أداء قطاع معين في الاقتصاد أو الأداء الاقتصادي بشكل عام، ما يعني أنه أحد المؤشرات الاقتصادية، ففي حال صعد أو انخفض يجب أن نعرف ما وراء هذا الصعود أو الانخفاض؟

وأردف: لذلك يجب علينا أن نهتم حقيقة كثيراً بموضوع صعود أو هبوط السعر بقدر اهتمامنا بما الذي يقف وراء هذا الهبوط؟ هل هناك أسباب حقيقية تقف وراء هذه المشكلة مثلاً؟ أو أن هناك مشاكل متعلقة مثلاً بمشاكل في الأداء الحكومي، مشاكل في تلاعب في الأسواق، أسواق سوداء، أسواق إلى آخره، مضاربات تخدم جهات مختلفة؟

وزاد: ولذلك من يتحكم في النهاية يجب أن يعكس هذا السعر أداء السوق، ولا يجب أن يتحكم به أحد لأنه يجب أن يكون هو انعكاس في واقع السوق، لا يجب علينا أن نشجع أن يتحكم به أحد، لا الحكومة ولا البنك المركزي ولا أي جهة أخرى.

وقال: المواطن هو الذي يتلقى الصدمات الأولى دائماً، مع الأسف، لأنه أكثر جهة معرضة للصدمات.

وأضاف: المواطن في النهاية أحد قوى السوق ويجب أن يكون واعياً وأن لا يقع في الفخاخ التي تم نصبها له وأن يكون هناك صعب أن نقول وعي شامل، ولكن أن يتنبه المواطنون إلى فكرة أن لا ينجروا وراء الألاعيب أو الفخاخ التي يتم نصبها وأن يعني يتصرفوا بشكل طبيعي ليس مطلوباً منهم أي شيء آخر لا تحليلات ولا اتباع تحليلات ولا شيء وإنما التصرف بشكل طبيعي دون البحث عن مزايا إضافية لا يقدمها لهم السوق ولا أن يتم تعريض أنفسهم لخسائر، فقط التصرف بشكل طبيعي.

وتابع: في وقت الحاجة بإمكانك أن تبيع أو تشتري في سعر الصرف كأنها أي سلعة أخرى، أو مصارفة ما لديك من أموال.

مشكلة داخل الحكومة والسلطة

يقول الصحفي عبد العزيز المجيدي، إن من يدقق في تفاصيل بيان البنك المركزي، يشير بدرجة رئيسية إلى وجود مشكلة تتعلق ربما بدائرة اتخاذ القرار داخل الحكومة والسلطة بصورة عامة.

وأضاف: من الواضح أن ما حدث خلال اليومين الماضيين يشير بصورة أو بأخرى إلى قوى معينة هي من تدير وتحرك السوق بطريقة ما، وتحدد أيضاً طريقة صعود وهبوط هذه العملة.

وتابع: إذا ما عدنا إلى تصريحات محافظ البنك المركزي، ولاحقاً تقريباً تلميحات رئيس الحكومة، فإن هناك الكثير من المؤسسات الحكومية التي لا تورد عائداتها إلى حسابات حكومية في البنك المركزي، وإنما في شبكات صرافة وبنوك أخرى، وهذا بالتأكيد يشير إلى جزء من المشكلة وهي أن الحديث يكاد ينصب طوال الفترة الماضية نحو شبكات مضاربين سواء تتعلق بشبكات الصرافة الموجودة في مناطق السلطة الشرعية، أو ما يتعلق أيضاً بشبكات المضاربة المدعومة والمسنودة من الحوثيين.

وأردف: نحن أمام مشكلة كبيرة تتعلق بالأذى والضرر الذي لحق بهذه الشبكات التي راكمت تريليونات الريالات خلال الفترات الماضية من الاشتغال وتحويل العملة إلى سلعة، وهذه الشبكات تلقت ضربة قاصمة عندما تدخل البنك المركزي وقام بمجموعة من الإجراءات أدت إلى تراجع العملة بهذا الشكل الذي شاهدناه، وهو يعني بأن تصاعد قيمة العملة خلال الفترات الماضية لم يكن مؤشراً يحمل دلالات اقتصادية.

وزاد: بالتأكيد هناك إشكالات اقتصادية كبيرة تتعلق بالمؤشرات المختلفة سواء ما يتعلق بالصادرات وغيره، لكن هناك إشكالية كبيرة تتعلق أيضاً بمسألة المتضررين، وبيان البنك المركزي يشير بصورة أخرى إلى وجود جهات محسوبة على أجهزة رسمية، قامت بالتحريض على البنك وإجراءات البنك خلال الفترات الماضية، وربما استغلت ما حدث خلال اليومين الماضيين وقامت بـ شن حملة على البنك المركزي وتحميله المسؤولية باعتباره السبب الرئيسي وراء ما يعتقد أنها عمليات نهب منظمة تمت لمدخرات المواطنين من خلال التلاعب بسعر العملة خلال اليومين الماضيين.

وقال: هناك الكثير من الإشارات التي تحدث على جانبي هذا التراشق، وهو متعلق مثلاً بصدور بيانات مثل بيان جمعية الصرافين ما يسمى بجمعية الصرافين الجنوبيين، وهذه الجمعية تنشط بصورة مضادة للبنك المركزي منذ اليوم الأول، لتحديد سعر الصرف من قبل البنك المركزي.

وأضاف: هناك أيضاً بيان آخر لجمعية البنوك والصرافين اليمنيين وهي جمعية تساند البنك المركزي، وهذه تحمل إشارات سياسية إلى حد كبير.

تقارير

التخابر مع إسرائيل.. تهمة مليشيا الحوثي الجاهزة لشن حملة جديدة من القمع والاختطاف

شنت ميليشيا الحوثي حملة اختطافات جديدة في صنعاء والحديدة، طالت عدداً من العاملين في المجال الإنساني التابع للوكالات الأممية، والمنظمات الإنسانية، وابتدأت هذه المرة باقتحام مقر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في صنعاء، ومقر اليونيسيف في محافظة الحديدة الساحلية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.