تقارير
ما بين التسوية السياسية وعودة المسار العسكري.. إلى أين يتّجه المشهد في اليمن؟
ترتيبات تجري في مصر لاستقبال وفد حوثي، خلال الأيام القليلة المقبلة، في إطار مساعي التوصل إلى حل للأزمة السياسية في اليمن، وفق مصادر إعلامية.
وأضافت المصادر لـ "صحيفة العربي الجديد" أن الترتيبات، التي تجريها القاهرة، تتم بالتفاهم مع السعودية، التي تهتم حاليا بإنجاح تنفيذ خارطة الطريق الخاصة باليمن، مشيرة إلى أن مناقشات تجري لترتيب لقاءات مباشرة بين مليشيا الحوثي وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
وبخلاف أن هذه المساعي، التي تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة اليمنية، فإن لها بُعدا جيوإستراتيجيا يتعلق بحالة الاحتشاد القائمة الآن في القرن الإفريقي، ومن الواضح أن الأزمة اليمنية باتت أكثر تعقيدا من ذي قبل وأكثر ارتباطا بملفات الصراع المشتعلة في الإقليم.
- نحو التصعيد
يقول المحلل السياسي الدكتور عبد الوهاب العوج: "كل الأمور تبيّن أن هناك تغيّرات في المشهد، فدخول اللاعب الجديد مصر في محاولة رأب الصدع بين الأطراف اليمنية، وما يحدث في البحر الأحمر وخليج عدن، وكذلك الأزمة الإثيوبية - الصومالية، ودخول مصر بإمداد الحكومة الشرعية الموجودة في الصومال، بعكس الموجودة في صوماليا لاند".
وأضاف: "نحن في اليمن نعاني من مشكلة الأطراف اليمنية الداعمة للشرعية؛ أنها ليست على قلب رجل واحد، فيما السعودية -كما يبدو- تريد الخروج من اليمن بأقل الخسائر الممكنة، وتحاول التهدئة مع مليشيا الحوثي".
وتابع: "مليشيا الحوثي تكسب كل يوم وكل فترة طرفا جديدا في اللعبة، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، ورغم كل ما تقوم به من استهداف للملاحة الدولية، وتأثيرها على قناه السويس، وإيرادات قناة السويس في جمهورية مصر العربية، إلا أن الأمر الواقع فعليا أن القوات الأمريكية والبريطانية، وغيرها من القوات الأوروبية، لم تستطع لجم هذا التدخل الحوثي، الذي هو امتداد للتدخل الإيراني والحرس الثوري الإيراني في منطقه الخليج العربي، وفي البحر الأحمر وخليج عدن".
وأردف: "الأمور تتجه نحو التصعيد، رغم كل ما يجري من أمور تسوية، أو محاولة تجميع اللاعبين والأطراف المحلية، لكن الواضح جدا أن مليشيا الحوثي تلتهم المناطق، وتحاول استهداف مناطق جديدة في الساحل الغربي، وفي تعز، وفي لحج، وفي مأرب".
وزاد: "مليشيا الحوثي تلعب على المعترك الدولي والإقليمي، لكنها في الداخل اليمني تجهز نفسها لمعركة لاقتناص مناطق جديدة".
وقال: "ما يحدث الآن بين مصر وإثيوبيا قد يعني إطلاق دعم عسكري للصومال، وتأثيرات صوماليا لاند، وإعطاء منطقة بحرية لإثيوبيا، وبدأت الأمور الآن تتغيّر، بمعنى أن الحوثي يظهر كلاعب إقليمي الكل يخطب وده من خلال السعودية ومصر وغيرها، ولم يعد الحديث عن تطبيق القرارات الدولية 2216 وغيرها".
وأضاف: "إذا لم تقم الحكومة الشرعية بخطوات على أرض الميدان، وإظهار قوة الجيش الوطني، والتحام كل المكونات العسكرية بمعركة حقيقية ضد المليشيا الحوثية، فإن المليشيا ستكسب تعاطفا داخليا ودعما خارجيا، وستبدأ القضية اليمنية تتحوّل إلى قضية داخلية، ويريد الخارج الاستفادة من مليشيا الحوثي؛ كونها لاعبا رئيسيا في البحر الأحمر وخليج عدن".
وتابع: "بهذه الظروف نشعر بأن أمورنا داخل اليمن تتعقد، وتزداد المسألة تعقيدا، ولا يوجد أي أفق للسلام".
- وضع معقّد
يقول المحرر في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية مراد العريفي: "من المؤكد أن الأزمة اليمنية هي الآن باتت مرتبطة بشكل وثيق بالوضع في الإقليم والأحداث التي تدور في قطاع غزة، إضافة إلى الهجمات الإسرائيلية التي شُنت على أكثر من هدف، ومن بينها التوتر الإيراني - الإسرائيلي".
وأضاف: "كثير من هذه التفاصيل كانت مرتبطة بشكل وثيق بالأزمة اليمنية، خصوصا ان مليشيا الحوثي اليوم هي من تقدم نفسها كطرف قوي، فيما يسمى بمحور المقاومة، وأعادت اكتشاف نفسها في البحر الأحمر بأنها قادرة على أن تُحدث تغيرات كثيرة في المشهد الجيوسياسي في المنطقة، وأثرت بالتحديد على مسار الأزمة اليمنية".
وتابع: "المبعوث الأممي إلى اليمن، خلال آخر إحاطة له لمجلس الأمن، تحدث صراحة بأن الأحداث والمعارك في قطاع غزة هي مرتبطة تماما بالأحداث في البحر الأحمر، وأنه هو من وجه دعوة إلى إيقاف الحرب في قطاع غزة".
وأردف: "من الممكن النظر إلى الأزمة اليمنية، وإعادة الدبلوماسية للأزمة اليمنية، خصوصا بعد تصريح مليشيا الحوثي مرارا بأن الأزمة مرتبطة بقطاع غزة، وأنه لا يمكن أن تتوقف الهجمات المستمرة ما دام الحصار مفروضا على قطاع غزة".
ويرى العريفي أن "هذه الارتباطات المعقَّدة للازمة اليمنية هي من عقّدت الوصول إلى أي تفاهم في اليمن، وكان آخرها هو التعثّر الذي يحصل الآن لخارطة الطريق، والتفاهمات السعودية - الحوثية، التي أُعلن عنها نهاية العام الماضي".