تقارير

شتاء النازحين.. عام ثامن من المعاناة في مأرب وأمل غائب بالعودة

25/11/2022, 16:50:18
المصدر : قناة بلقيس - محمد حفيظ

مع الشمس صباحا، وعلى رحى الصحراء وتربتها الباردة، يرتصُّ الأطفال وآباؤهم لتلقّي دفء الشمس بعد ليلة شديدة البرودة تحت خيام ركيكة ودفء ضحل لا يتواءم وبرد الشتاء القارس في مخيم النقيعاء شرق محافظة مأرب في عام ثامن من الشتات والتهجير الحوثي لليمنيين.
في وقت تصل فيه درجة الحرارة إلى 6 درجات مئوية، خلال أشهر الشتاء، بات الموت بردا في مخيمات النازحين حقيقة مأساوية مفزعة تؤرِّق حياة النازحين وأطفالهم بعد وفاة ثلاثة أطفال، الشتاء الفائت، نتيجة موجات البرد القارس، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، وغياب الدعم الإغاثي.

"لم يتغيَّر شيء عن الشتاء الفائت، والمصير ذاته قد يقع فيه أطفالنا"، يقول عبدالله الغانمي (40 عاما)، نازح ومعلم في مخيم النقيعاء في صحراء شرق مأرب، الذي توفي فيه ثلاثة أطفال العام الماضي بفعل البرد وقلّة إمكانيات الوقاية منه لدى النازحين.
"خيام لا تقي من البرد الشديد ودفاء بسيط لا يكفي الأسر وأطفالها في ظل تدخلات إنسانية ضعيفة أو منعدمة، حتى اليوم، في وقت لا تحتمل فيه أجساد الصغار تبعات النزوح وزمهرير الشتاء المميت"، يقول الغانمي.
معركة بقاء يعيشها النازحون مع دخول شتاء جديد بمعاناة إضافية تواجه النازحين، وحراك منعدم الصّدى، لتوفير دفاء يقي الأجساد النحيلة صقيع الصحراء.

- الاحتياج الطارئ

"استمرار توافد الأعداد الكبيرة من النازحين يزيد المعاناة في أوساط النازحين"، يقول محمد السعيدي - مسؤول التنسيق في الوحدة التنفيذية للنازحين بمأرب - لموقع "بلقيس".
ويشير إلى أن 82 الف أسرة بحاجة طارئة إلى حقيبة شتوية، ودفاء، وفراش، وذلك لوقايتهم من البرد، ونجاتهم من الموت في مخيمات النازحين كإسعاف أولي للأسر الأشد احتياجا.
وبحسب السعيدي، إدارة النازحين قدّمت قوائم احتياجات النازحين -خلال الشتاء الجاري- إلى المنظمات، لكنها لم تقدم حتى الآن شيئا يخص موسم الشتاء.

وقال السعيدي لـموقع "بلقيس": "إن خطة إدارة النازحين تسير بحسب الأشد إحتياجا ثم الأقل، حيث تهدف إلى تغطية الاحتياجات في مخيمات النازحين بالصحراء، للوقاية من برد الشتاء، ومن ثم المخيمات في المدينة، يليه المخيمات والخِيم الفردية في المدينة، وبعدها النازحين في المنازل".

وأضاف "الحقيبة الشتوية تعد الاحتياج الأهم حاليا لوقاية النساء والأطفال من البرد الشديد، الذي قد يؤدي إلى الوفاة في أوساط النازحين كما حدث العام الماضي".
وتتكوّن الحقيبة الشتوية -بحسب السعيدي- من ملابس شتوية متكاملة للنساء والرجال والأطفال، وبطانيات مخصصة للشتاء، والوقاية من البرد الشديد.

وبعد وفاة ثلاثة أطفال نازحين بسبب البرد -خلال الشتاء الماضي- في مخيمات النازحين في صحراء مأرب، يقول السعيدي إنه "لم يتغيّر شيء حتى الآن لمنع وقوع وفيات جديدة خلال الشتاء الجاري في أوساط النازحين، عدا إجراءات تنسيقية بين المنظمات وإدارة النازحين، لكن لا شيء واقعيا حتى الحظة".

- أمل العودة

أكثر من مليوني نازح ومهجّر تحتويهم مأرب في 194 مخيما يعيشون آلام الشتات، وتبعاتها، منذ ثماني سنوات على التوالي، ويعيشون أمل العودة دون ملامح عودة حتى الآن.
جهود تمديد الهدنة وصلت إلى طريق مسدود - بحسب مندوب الأمم المتحدة في اليمن - التي انتهت مطلع أكتوبر الماضي، بعد مُضي ستة أشهر عليها، في ظل تعنّت مليشيا الحوثي، واتساع شهية الدّم والقتل لديها، حيث رفضت تجديد الهدنة ووقف الحرب.

يقول الغانمي -نازح في مخيم النقيعاء- إن العودة إلى دياره مقرونة بانتهاء الحرب، ووجود دولة يعيش تحت حكمها الجميع، وتوقف ملاحقة مليشيا الحوثي المواطنين، وتوفير سُبل العيش الكريم، وعودة الموظفين إلى أعمالهم السابقة.
وأضاف: "كيف نعود حاليا وسجون الحوثي مفتوحة الأبواب لسجن اليمنيين؟".

- ذريعة المنظّمات

العاملة الإغاثية عائشة غانم قالت إن "معاناة النازحين كبيرة، خاصة خلال فصل الشتاء، والاحتياجات كبيرة، غير أن المنظّمات لم تقدر على تلبيتها بفعل قلَّة التمويل، الذي تقول إنها تتذرّع به في ردودها على طلبات تغطية الاحتياجات".
وبحسب المفوضية السامية للاجئين - التابعة للأمم المتحدة- يعد اليمن رابع دولة في العالم من حيث عدد النازحين داخليا، وتشير إلى أن عددهم يتجاوز 4 ملايين نازح في عموم البلاد.

وفي مأرب بلغت أعداد النازحين -وفقاً لإدارة النازحين- مليونين و222 ألف نازج قدِموا من 14 محافظة، وتوزّعوا في غالبيتهم بين مساكن اشتروها أو استأجروها، في حين يسكن 296,397 شخصاً في 198 مخيماً أقيمت لهم في مختلف أنحاء المحافظة الصحراوية متقلّبة الطقوس.

تقارير

معادلة السلام والحرب.. عودة للمسار السياسي وخفض التصعيد في البحر

يشير الواقع إلى أن مليشيا الحوثي، التي عطلت مسار جهود الحلول الأممية، خلال السنوات الماضية، وفق تصريحات الحكومة المتكررة، لا تمانع الآن من الدخول في تسوية محدودة مع السعودية، تسد حاجتها المالية والاقتصادية، وتخفف من أزمتها الداخلية.

تقارير

صفقة سعودية حوثية.. ترتيبات متقدمة وتحذيرات من النتائج

تتسارع الخطى نحو وضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق الأممية، التي تحمل في مضمونها تفاهما وتقاربا حوثيا - سعوديا، لم يكن يتوقعه أحد، لا سيما إن استعدنا شريط الذكريات للعام الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم، وتهديد الطرفين بالقضاء على الآخر، إذ تعهد الأول بإعادة الشرعية إلى صنعاء، فيما توعد الآخر بالحج ببندقيته في مكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.