تقارير
تهديدات مليشيا الحوثي للسعودية.. تصعيد لجولة حرب قادمة أم محاولة للضغط والابتزاز السياسي؟
ارتفعت حدة خطاب مليشيا الحوثي تجاه السعودية والإمارات والكيان الصهيوني، في صيغة تهديدات مباشرة وكأنه استشعار منها على اقتراب جولة ثالثة من الحرب.
تصريحات صدرت مؤخراً من قيادات للمليشيا تكشف عن سردية جديدة تحمّل الرياض وأبو ظبي مسؤولية ما تصفه بتحركات عدوانية تمهد لانفجار جديد في اليمن، كما تحملهما مسؤولية إبقاء اليمن في وضع اللا حرب واللا سلم، ومتهمين الرياض بعدم الوفاء بالتزاماتها.
تأتي هذه التطورات على وقع زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، والحديث عن صفقة تسليح ضخمة قد تعيد رسم توازنات الردع في المنطقة، وهي زيارة يبدو أنها أثارت مخاوف المليشيا من عودة تحركات محتملة.
حالة من الجنون
يقول المحلل العسكري والإستراتيجي العميد عبد الرحمن الربيعي، ليس هناك من دلالة لهذه التهديدات إلا أنه الجنون بعينه، حالة من الجنون لا يستطيع على الانسان توصيفها، أو إعطاءها شيء من المقاربة.
وأضاف: من المجنون الذي يستطيع أن يصدق أن السعودية خائفة على رؤية 2030، أو على كأس العالم 2034، حتى تبتزها وتهددها أنه اذا لم تحقق مطالبنا، أن الرؤية ستنتهي؟ هذا جنون وإسراف في البروباجاندا الى درجة السماجة.
وأوضح: الحوثيون الآن يعيشون بمأزق خطير وكبير للغاية، هذا المأزق توالفت عوامله واجتمعت خيوطه من كل الأوجه سواء عسكرياً من خلال منع تهريب الأسلحة التي أصبحت كلما أعطتهم إيران سلاح وقع في أيدي قواتنا المسلحة، أو على مستوى الاقتصاد وتدمير كل البنى التحتية، أو على مستوى الداخل وحالة التذمر التي وصلت إلى حد لا يطاق، والتجار يغلقون محلاتهم.
وأردف: الناس في الداخل حتى في الداخل الحوثي، حتى وإن كانت ثقافتهم محدودة أو بسيطة، تستطيع أن تمرر أو أن تكذب عليها جزء من الوقت، لكن الناس وصلت إلى قناعة أنهم واقعين تحت طائلة بروباجاندا دعائية أصبحت سمجة وغير مرغوبة بل ومرفوضة.
وزاد: بعد توقف شماعة غزة حاولت هذه الميليشيا أن تعطي رسائل للسعودية باتجاهين اتجاه التهديد واتجاه التلطيف أنهم مستعدين أن يذهبوا مع الرياض بخارطة الطريق الى المدى الذي تريده.
تهديدات موجهة إلى الداخل
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة الدكتور فيصل الحذيفي: أنا كمتلق وغيري كثير من المتابعين لا يقرأون تهديدات الحوثي باعتبارها تهديدات جادة أو أن السعودية تعطي اعتباراً لتهديداتهم في هذه اللحظة.
وأضاف: هذه التهديدات التي يطلقونها بسقف عالي هي موجهة لأنصارهم في الداخل لرفع معنوياتهم الى لملمة صفوفهم المهترئة.
وأوضح: الحوثيون واجهوا أزمتين خطيرتين في التدهور الداخلي قبل 7 أكتوبر في غزة كانوا في وضع متدهور وبالتالي جاءت حرب غزة فاختطفوها عملوا منها ضجيجاً عربياً وعالمياً ليعيدوا لملمة الصف الداخلي، وحتى أعداءهم في مناطق الشرعية كانوا متحمسين مع غزة ويشعرون من الغبط مما تقوم به الصواريخ الحوثية بهذا الضجيج.
وتابع: الآن بعد توقف حرب غزة، يشعر الحوثيون أنهم سيدخلون في نفس العتمة والمأزق، وأن هناك تفكك داخلي، وخاصة بعد الضربات الموجعة لقيادات الصف الأول في الجماعة، لذا فهم بحاجة إلى خطاب جديد يعيد لملمة صفهم حتى لا يتضعضعون أكثر.
وأردف: أنا أشبه خطاب الحوثي أو أفعال الحوثي ضمن مسارين: المسار الأول هو الضجيج الدولي، فما تعمله جماعة الحوثي خارجياً هو مجرد ضجيج، والمسار الآخر هو الإيلام والإيذاء الداخلي لليمنيين، في القتل والتشريد والتركيع والخطف ونهب الأموال ومحاصرة الأرزاق، وقد نجحوا في الإيذاء الداخلي لليمنيين نجاحا كبيرا، لكنهم في المسارين لم ينجحوا في حسم معركة لا داخليا ولا خارجيا، ولم يحققوا أي انتصار، بعد أكثر من 10 سنوات.
وزاد: السعودية تدرك عبر أجهزتها المخابراتية وعبر حلفائها الدوليين حجم الحوثيين، فالحوثي ليس أقوى من حزب الله في التسليح والتنظيم والعقيدة والثقافة، وليسوا أقوى من سوريا الأسد الذي تم ضربه والإطاحة به، وليسوا أقوى من إيران التي مرّغ أنفها في أسبوع، حتى بدأت ترمي خيوط المفاوضات مع واشنطن ودولة الكيان الصهيوني، حتى تصل معهم لحوار ينهي هذه المعارك.
وقال: السعودية تفطنت بشكل مبكر على أنه العمل مع الحوثيين بشكل مباشر لم يعد يجدي، وهي أرادت أن تنقلهم إلى مرحلة الهدنة وتنسحب من المعركة لتصبح وسيطاً لا طرفاً، والحوثيون يصرون على أن تصبح السعودية طرفاً، ولذلك ذهبت السعودية بعيدا بوساطة صينية للتفاوض المباشر مع كفيل الحوثي (إيران)، لذا فالسعودية اليوم قادرة على أن تبرم أمورها في اليمن بشكل غير مباشر بالذهاب لتحسين علاقاتها مع إيران.