تقارير
الغضب يتصاعد في تعز.. لماذا تتجاهل السلطات الحكومية أبسط مطالب الناس؟
تشهد مدينة تعز، منذ أيام، احتجاجات نسائية، تنديدًا بتدهور الأوضاع المعيشية، وخدمات الكهرباء والمياه، امتدادًا لمظاهرات نسائية بدأت في عدن مطلع مايو الجاري، ضمن ما عُرف بـ”ثورة النسوان”.
ورغم الغضب المتصاعد في الشارع التعزي، ورغم الأزمات التي تضرب وجه المدينة، وانتهاء مهلة الستة الأشهر التي منحها الرئيس العليمي للسلطة المحلية لتحسين الوضع المعيشي، وتوفير الخدمات، ووقف الاختلالات، إلا أن محافظ تعز اكتفى بتدوير الوجوه، دون حلول حقيقية.
وضع كارثي
تقول الناشطة المجتمعية ألحان الشيباني: “خروجنا يهدف إلى المطالبة بالحقوق، وهذه الحقوق واجب على السلطة المحلية تأمينها للمواطنين، لكنها لم تحرك ساكنًا”.
وأضافت: “منذ خروجنا في الوقفة الاحتجاجية الأولى وحتى الآن، لم نلقَ أي تجاوب من السلطة المحلية، والوضع يزداد سوءًا في المدينة يومًا بعد يوم”.
وتابعت: “هذا الوضع كارثي جدًا، وهو تنكيل واضح بالمواطن التعزي من قبل السلطة المحلية، والأحزاب التي هي شريكة في الفساد مع السلطة والمحافظ”.
وأردفت: “نرى أن السلطة المحلية بقيادة المحافظ فاسدة، وأن الأحزاب السياسية هي الدينامو المحرك للمحافظ، وللوضع السياسي الكارثي والمأساوي في مدينة تعز”.
وزادت: “كل المكاتب التنفيذية في المحافظة، ووكلاء المحافظ، ما هم إلا تقسيمات سياسية ومحاصصة حزبية”، مضيفة: “إذا كانت أبسط حقوق المواطن، كالماء والكهرباء، قد انتُهكت، فإلى أي مدى يمكن أن نصل بعد هذا الوضع؟”.
مشكلة مركبة
تقول الصحفية المتخصصة في القضايا الإنسانية، الدكتورة نبيلة سعيد: “هذا التحرك بلا شك يحرك المياه الراكدة، خاصة وأن المشكلة في اليمن أصبحت مركبة”.
وأضافت: “هذا الحراك النسائي بعث كثيرًا من الأمل والتفاؤل، بأن هناك ربما استجابة للمطالب، التي من الغريب أن تكون مطروحة في بلد غني بالثروات، لكنه معطّل القدرات والإدارة”.
وتابعت: “لعل هذا الحراك يأتي بما لم تأتِ به السلطة الشرعية، أو يقوّض قرصنة المليشيا الحوثية في أطراف اليمن”.
وأردفت: “استمرار هذا الزخم النسائي واتساعه في المديريات والمحافظات، وانتقاله من محافظة لأخرى، ورفع صوت هذا التحرك إعلاميًا ودعمه، قد يمثل الرمق الأخير لإنهاء الأزمة في اليمن، سواء على مستوى الحصار الحوثي الذي يخنق تعز، أو على مستوى استهتار الشرعية”.
احتجاجات قانونية ومشروعة
يقول المحامي والناشط الحقوقي ياسر المليكي: “هذه الاحتجاجات تستند في مشروعيتها إلى الدستور والقوانين اليمنية، ولا يستطيع أحد منعها، لأنها تعبر عن مطالب قانونية ومشروعة”.
وأضاف: “ما تغيب عنه محافظة تعز من خدمات وأساسيات، ينبغي أن يتوفر اليوم قبل غد”.
وتابع: “تعز قد تبدو نائمة، لكنها تستفيق سريعًا حين تُهان كرامتها. تقاوم بلا رصاص، وتنتصر لمعادلتها الوطنية، رغم كل المسكنات والآلام”.
وأردف: “ما يحدث في تعز يجب أن يُفهم في سياقه، فالمطالب التي يرفعها الناس الآن ناتجة عن تراكمات بدأت منذ اندلاع الحرب”.
وأوضح: “الحرب التي شُنت على تعز من أكثر الأسباب الجوهرية لغياب الخدمات، فمثلًا مشكلة المياه تعود إلى ما قبل الحرب”.
وقال: “كانت دراسة للهيئة العامة للموارد المائية عام 2011 قد أشارت إلى أن ما يتوفر لمدينة تعز من مياه لا يتجاوز 20,000 متر مكعب، في حين أنها تحتاج إلى 60,000 متر مكعب يوميًا. واليوم لا يتوفر سوى 2500 إلى 3000 متر مكعب فقط، بالكاد تكفي حارة واحدة”.
وأضاف: “هناك الكثير من المآخذ على السلطة المحلية، من فشل إداري متغلغل، إلى فساد في المكاتب التنفيذية، ومؤسسات الدولة”.
وختم بقوله: “هذا الفشل لا يتحمله المحافظ وحده، رغم مسؤوليته، بل تشاركه الأحزاب السياسية، والمكاتب التنفيذية، ومنظمات المجتمع المدني”.