تقارير
التدفقات النفطية الإيرانية للحوثيين.. كيف يتم الاحتيال على العقوبات الأمريكية؟
كشفت مصادر غربية عن استمرار ناقلات خاضعة للعقوبات الأمريكية في نقل شحنات إيرانية إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وفي مقدمتها ميناء رأس عيسى.
ووفقًا لتقرير صادر عن نشرة "لوتس" البريطانية، فإن السفن المهرّبة للشحنات، ومن بينها الغاز، تخفي مواقعها وتستخدم بيانات ملاحية مموهة، وتعمل تحت ما يعرف بـ"الأسطول الخفي" الذي يتحرك خارج نطاق الرقابة الدولية.
في سياق منفصل، نفذت مجموعة قرصنة هجومًا سيبرانيًا ضد مؤسسة موانئ البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي في الحديدة، وتمكنت المجموعة المجهولة من اختراق وتعطيل نظام مؤسسة موانئ البحر الأحمر، والتلاعب بالرحلات والنظام، وتغيير أسماء الشركات واسم الوزارة التابعة للحوثيين.
ووفقًا لبيان المجموعة، تم سحب بيانات أكثر من 30 ألف رحلة تجارية، والحصول على معلومات حساسة، بما في ذلك أسماء السفن والشحنات والجهات المصدّرة وتواريخ الاستلام والوصول.
- الإعداد للمواجهة
يقول رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية عبد الحميد المساجدي، إن جماعة الحوثي، وبمساعدة مستشارين وخبراء إيرانيين، أعدت منذ تصنيفها جماعة إرهابية في يناير 2025، مصفوفة متكاملة لمواجهة مثل هذه العقوبات.
وأضاف: ميليشيا الحوثي توقعت أغلب الخطوات الأمريكية في مختلف المجالات، ومنها حظر استيراد الوقود عبر موانئ الحديدة، وأنه قد يكون هناك عنصر مفاجئ وهو قصف موانئ الحديدة وإخراج ميناء رأس عيسى بشكل كبير عن الخدمة.
وتابع: الحوثيون لديهم مخزون كاف من الوقود، وعمدوا منذ الهدنة في 2022 إلى تخزين كميات كافية من الوقود، وأنشأوا خزانات إضافية، وبالتالي لديهم مخزون لمواجهة أي صدمات متوقعة، إضافة إلى الخبرة الإيرانية في شبكات التهريب، سواء استيراد الوقود عبر سفن إلى جزر يمنية، ومن ثم تفريغها عبر مراكز شراعية أو مراكب أقل حجمًا، ومن ثم إعادة إدخالها إلى الموانئ أو إلى المراسي اليمنية.
وأوضح أنه ليس بالضرورة أن تكون هذه المراسي مجهزة أو قادرة على استقبال السفن الكبيرة، إضافة إلى أن هناك شركات وخطوطًا ملاحية لا تلتزم بالعقوبات ولا بالتعليمات الأمريكية، ومنها سفن روسية أو إيرانية أو عراقية أو بعضها مملوكة لرجال أعمال لبنانيين كانوا أو لا زالوا ينتمون إلى حزب الله.
وأردف: هذه الشبكة التي تعمل خارج نطاق المنظومة المالية العالمية والتي لا تخشى فرض أي عقوبات عليها، لا تلتزم بأي عقوبات أمريكية، وتحمل الوقود من موانئ إيرانية أو حتى موانئ عراقية وغيرها من الدول الخارجة أو التي ترفض الالتزام بالتوجيهات الأمريكية أو بالقوانين الأمريكية.
وزاد: شبكة التهريب لا زالت شغالة حتى الآن، وشحنات النفط تدخل باستمرار حتى عبر سفن كبيرة إلى ميناء رأس عيسى أو حتى ميناء الحديدة، ويتم تفريغها وإن كان بطرق بدائية.
وقال: الحوثيون الآن يريدون أن يصمدوا ويقاوموا إلى أبعد حد، إلى أبعد تقدير، إلى حين انتهاء فترة رئاسة ترامب، ومن ثم قد يستجد جديد على مستوى إذا ما فاز أحد مرشحي الحزب الديمقراطي وتغيرت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية إلى نفس السياسة التي اتبعها الرئيس بايدن وهي النهج المخفف.
وأضاف: السياسة الأمريكية الآن تنتهج سياسة صارمة تجاه الجماعة الحوثية، سواء من العقوبات على الشبكات المالية أو حتى على شركات الملاحة وشركات استيراد الوقود.
وتابع: هذه الإجراءات جففت منابع التمويل الحوثية، وأعتقد أنها ستلاحق المزيد من الشبكات الحوثية، وجعلت القطاع الخاص، سواء المحلي أو العالمي، يخشى من الدخول في أي شراكة أو تنافع مع الميليشيا الحوثية، وهذا أسهم في تضييق الخناق، وقد ربما إذا ما طالت الإجراءات على نفس الوتيرة وأشد قليلاً قد تسهم في مزيد من إحكام القبضة وإحكام الخناق على الاقتصاد الحوثي وعلى منابعهم ومواردهم المالية.
- استمرار تمويل الحوثي
يقول رئيس مركز البلاد للدراسات والإعلام حسين الصوفي، من خلال متابعة التقرير الذي أوردته الجهة التي أصدرته، يتضح أن هناك محاولة أو لا تزال بعض الأطراف الدولية تمد عصابة الحوثي بما يمولها لاستمرار حربها.
وأضاف: البعد الاستراتيجي لوجود ميليشيا الحوثي في الساحة، من حيث إنها تعيق الوصول إلى الحل في اليمن، وتضعف الدولة اليمنية، وتظل دولة هشة ومفككة ودولة حروب، لا يزال حتى اللحظة ظاهرًا وواضحًا للعيان.
وتابع: لا يوجد لدى الحوثيين، على الأقل في الخطاب السياسي والإعلامي، ما يؤشر إلى أنهم ينوون مخاطبة الشعب اليمني، وحتى الحكومة الشرعية، بخطاب فيه نوع من السلام أو نوع من الحلول التي تنهي الحرب.
وأردف: في المقابل، أيضًا في الاتجاه الآخر، لا نزال نحن أمام تحولات دولية، وهذا ربما لا يخفى على الجميع، وقد تستغل ميليشيا الحوثي ذلك في تهديد السعودية لوضع ما، ربما من ضمن ملفات التطبيع وملفات إعادة تشكيل المنطقة التي يُروج لها وغيرها من الملفات.
وزاد: لا تزال ميليشيا الحوثي أداة فاعلة، وإن ظهرت على أنها تثير كثيرًا من الشغب، لكنها تمثل ذلك الشغب الذي يُدار ويُتحكم به.
وقال: ما يؤكده التقرير أنه باتت الآن تلك السفن التي تتحرك، فيها تفاصيل دقيقة بمعلومات مفصلة، أسماء السفن وأسماء ونوع الكميات التي تحملها، وأيضًا أسماء الذين استلموها وأين ذهبت، ومن الذي كان الوسيط، ومن أين جاءت.
وأضاف: هذه كلها تفاصيل تدل على أن من يمتلك هذه المعلومات يستطيع أن يمنع مثل هذه الشحنات وغير هذه الشحنات.