تقارير
اعتقال قيادات حزب المؤتمر بصنعاء.. لماذا أصبح شريك الانقلاب والحكم بهذا الضعف والمهانة؟
لن يحتفل حزب المؤتمر في صنعاء بذكرى تأسيسه هذا العام، على عكس توقعات قواعده الذين كانوا مستعدين لإشعال شوارع صنعاء بالاحتفالات، حيث أعاد بيان مؤتمر صنعاء سبب الإلغاء إلى الظروف الإنسانية في غزة وفلسطين عامة، بل وذهب البيان ليجدد دعمه لما يسميه "جبهة الصمود" بقيادة من وصفه بـ"المجاهد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي سيسجله التاريخ بأحرف من نور".
في الوقت الذي شك آخرون أن البيان كتب بأقلام حوثية وليس مؤتمرية، أقدمت مليشيا الحوثي على اعتقال أمين عام حزب المؤتمر الشعبي، وعدد من مرافقيه في صنعاء، وفرضت حصاراً على منزل رئيس الحزب صادق أمين أبو راس، وعدد من القيادات المؤتمرية.
-ديكور سياسي
قال الباحث السياسي نبيل البكيري: "باعتقادي أن هذا البيان هو تحصيل حاصل لتوصيف وضع معروف مسبقاً، فبقاء المؤتمر الشعبي العام في مناطق سيطرة الحوثي يمارس العمل السياسي خدم جماعة الحوثي أكثر مما أضرها، وبالتالي قدّم ديكوراً سياسياً استطاعت من خلاله هذه الجماعة أن توهم الشريحة الأكبر للمؤتمر الشعبي العام أنها ممكن تتعايش معهم وتقبل بهم".
وأضاف: "في نفس الوقت، كان استخدام المؤتمر الشعبي العام من قبل مليشيا الحوثي أشبه بديكور لممارسة عملية إحلال للدولة والمؤسسات، وإحلال واستبدال للولاءات القبلية والعشائرية والعسكرية والأمنية، وتذويب الإطار العام للمؤتمر الشعبي العام في إطار دولة المليشيا، حتى استخدمتهم إلى أن تمكنت من نقل كل ما تستطيع من إمكانات وخبرات وقدرات إدارية وأمنية وعسكرية لمليشياتها".
وتابع: "هناك من يقول إن حزب المؤتمر هو من كان يسعى لاستخدام الحوثيين لا العكس، وهذا صحيح ربما كان في البداية، وهذه التي يسموها بـ'غلطة الشاطر بألف'، كان علي عبد الله صالح يعتقد أنه سيستخدم هذه الجماعة كـ'قفاز' للعودة مرة أخرى، لكن شياطين الإمامة الذين هندسوا لمعركة التحالف مع المؤتمر ولهذه الخلطة العجيبة من التحالفات، كانوا يدركون جيداً أن علي عبد الله صالح ممكن أن يلعب بهم، لكن كما يقول المثل الشعبي اليمني: 'تعشوا به قبل أن يتغدى بهم'".
وأردف: "أعمال القمع، المصادرة، الإرهاب، الهمجية، البلطجة التي تستخدم ضد المؤتمر الشعبي العام، هو شيء متوقع وحاصل جداً، وإذا كان هناك من استغراب فهو الاستغراب على الذين يستغربون من هذا الوضع".
وزاد: "ما الذي سنتوقعه من مليشيا أتت من خارج التاريخ، أتت واستخدمت كل أساليب الدس الرخيص والهمجية والبلطجة، وكل ما ليس له علاقة بأخلاق اليمنيين ولا أخلاق الإسلام ولا أخلاق المسلمين، استخدمته لكي تصل لهذه المرحلة؟ بالطبيعي أنها ستعود وتكافئ السنماريين المؤتمريين بالجزاء الذي خططته ورسمته مبكراً".
وقال: "هذا البيان في أدق التوصيف له أنه بيان حوثي، وحتى لو افترضنا أنه صدر عن المؤتمر الشعبي العام، لكن في حقيقة الأمر هو يعكس حالة الاعتقال لقيادات المؤتمر في صنعاء، التي لا تستطيع أن تقرر حتى مصير شربة ماء ممكن تشربها".
وأضاف: "قيادات المؤتمر في صنعاء لا يمتلكون القرار، ومن يمتلكه فقط عبد الملك الحوثي وحاشيته".
-بيان مخزٍ
قال عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، الدكتور عادل شجاع: "أنا كنت أتوقع أن المؤتمر الشعبي العام في صنعاء سوف يلغي فعاليته، لكن لم أكن أتوقع بأن يصدر بياناً يؤكد فيه هذا الانصياع، أو أن يغسل جرائم الحوثي، وأن يبرر للحوثي قمعه للمؤتمر الشعبي العام وللاحتفاء بذكراه السنوية".
وأضاف: "في حقيقة الأمر بيان مخزٍ، أن تتحدث هذه القيادات عن إلغاء فعالية الاحتفاء بتأسيس هذا الحزب وربط هذا الإلغاء بما يحدث في غزة، بالمقابل الحوثيون يحتفلون بمناسبات عديدة وهم الذين يقاومون باسم غزة، هناك احتفالات تمت واحتفالات سوف تتم، ومع ذلك لم تكن غزة حاجزاً أو مانعاً لإلغاء مثل هذه الفعاليات التي تقيمها هذه الجماعة".
وتابع: "احتفالات المولد النبوي التي يقيمها الحوثيون سنوياً على الأبواب، لا يوجد أي قرار في إلغائها، وهناك إعدادات للقيام بهذا الاحتفال، واحتفالات أخرى تحت مسميات مختلفة".
وأردف: "أعتقد أن قيادات المؤتمر الشعبي العام هي واقعة تحت الضغط لا شك في ذلك، لكنها تخلت عن مسؤوليتها، وربما الخلاف الذي بيني وبين هذه القيادات منذ ما بعد الرابع من ديسمبر في العام 2017، أن هذه القيادة ربطت نفسها بعصابة الحوثية الإرهابية واستمرت في التبرير وإعطاء غطاء سياسي ودبلوماسي لهذه العصابة".
وزاد: "كنت قد دعوت هذه القيادة لأن تقوم بدورها الوطني، ليس بالضرورة أن تأخذ البندقية وتقاوم، ولكن عليها -على أقل تقدير- بعد أن دعا رئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبد الله صالح للانتفاضة على هذه العصابة، كان يمكن لهذه القيادات أيضاً أن تقطع مع هذه العصابة وتلزم بيوتها، ليس بالضرورة أن نطلب منها أن تكون لديها الشجاعة الكافية لأن تحمل البندقية وتذهب لقتال هذه العصابة".
وقال: "نقطة الخلاف كانت بيني وبين هذه القيادات هو أن تلزم بيوتها، وأن لا تبرر لهذه العصابة وتعطيها هذا الغطاء السياسي".
وأضاف: "جميع القوى السياسية اليمنية تركت بندقيتها ولم تواجه الحوثي إلا في الخطابات، ولم تخض مع هذه العصابة معركة، وتقريباً المعركة الوحيدة التي خاضها اليمنيون مع عصابة الحوثي هي معركة مأرب، جبهة مأرب التي ظلت لفترة طويلة وهي تقاوم هذه العصابة، وجزء من تعز أيضاً، لكن بقية الجبهات والمحافظات وبقية القوى السياسية لم تواجه هذه العصابة لا من قريب أو بعيد".
وتابع: "العيب ليس في أبناء هذه المحافظات وإنما في الذي كان يدير هذه المعركة وكان يجعل المعركة تصب في صالح هذه الجماعة، بدليل أن المعركة في الحديدة كانت قد قاب قوسين أو أدنى من تحرير هذه المحافظة وتحرير ميناء الحديدة، ولكن في نهاية الأمر ما الذي تم؟ انسحبت هذه القوات تحت مبرر وذريعة إعادة الانتشار".