أخبار سياسية
ناقلات النفط الروسي تتجنب البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين
أفادت بيانات شحن صادرة عن مجموعة بورصات لندن، إلى جانب إفادات ثلاثة متعاملين في قطاع النفط، بأن عددًا متزايدًا من الناقلات التي تديرها شركات يونانية وتنقل النفط الروسي إلى أسواق آسيا، بدأت بتغيير مسارها لتتجنب المرور عبر البحر الأحمر، مفضّلةً الطريق الأطول عبر رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا.
وذكرت وكالة «رويترز» أن هذا التوجه يعكس اتساع دائرة تأثير هجمات الحوثيين على حركة الملاحة في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023، حين بدأت الجماعة المدعومة من إيران استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل أو تلك التي ترى أنها «تدعم العدوان على غزة».
وأظهرت البيانات انخفاضًا حادًا في حركة الشحن البحري عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ما دفع معظم شركات الشحن الغربية إلى التخلي عن مسار قناة السويس، الذي يُعد أقصر وأهم ممر لنقل النفط والسلع بين آسيا وأوروبا. ومع ذلك، واصلت غالبية شحنات النفط الروسي المرور عبر البحر الأحمر لفترة أطول، مستفيدةً – بحسب الوكالة – من العلاقات الوثيقة بين موسكو وطهران، الحليف الرئيسي للحوثيين، قبل أن تبدأ أيضًا في التحول التدريجي نحو المسار الأطول نتيجة تزايد المخاطر.
وتُشكّل قناة السويس والبحر الأحمر شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية، بخاصة إمدادات النفط العالمية، لكن منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، تبنّى الحوثيون استراتيجية هجومية غير مسبوقة استهدفت سفن الشحن وناقلات النفط بزوارق متفجرة وصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة، ما أدّى إلى وقوع قتلى وتسربات نفطية، وأثار موجة قلق دولي واسعة.
وفي ديسمبر 2023، أعلنت الولايات المتحدة تشكيل تحالف بحري دولي تحت اسم «حارس الازدهار" لتأمين الملاحة في البحر الأحمر، لكن الهجمات تواصلت بوتيرة متقطعة، ما جعل شركات الشحن العملاقة تتجه إلى مسار رأس الرجاء الصالح الذي يزيد زمن الرحلة بنحو 10 أيام وتكاليف الشحن والتأمين بشكل كبير.
ويأتي النفط الروسي في قلب هذه المعادلة المعقدة، فمن جهة تخضع موسكو لعقوبات أوروبية وأمريكية تحدّ من تصدير نفطها عبر الشركات الغربية، لكنها تعتمد على أسطول «الظل» الذي يملكه أو يديره وسطاء، إلى جانب ناقلات تديرها شركات يونانية لعبت دورًا كبيرًا في تصدير الخام الروسي إلى آسيا.
وفي المقابل، يُنظر إلى التنسيق بين موسكو وطهران بوصفه عنصرًا يقلل نسبيًا من استهداف الناقلات الروسية، غير أن تصاعد الهجمات في الآونة الأخيرة بدأ يدفع حتى هذه السفن إلى تجنّب البحر الأحمر، في إشارة إلى اتساع نطاق التهديد.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار هذا الوضع قد يترك آثارًا عميقة على حركة الطاقة العالمية، ويرفع تكلفة الشحن ويؤثر على أسعار النفط والسلع، وسط تحذيرات من أن البحر الأحمر بات عمليًا «منطقة نزاع مفتوحة» تهدد سلاسل الإمداد العالمية واستقرار التجارة الدولية.