منوعات

حصن عزان الأثري.. معلم تاريخي عريق يتعرَّض للطمس والإهمال

09/05/2025, 17:45:08
المصدر : خاص - محيي الدين الشوتري

يقف الأخ علي المشمري، الباحث في الشأن التاريخي، أمام ما تبقى من أسوار حصن عزان التاريخي في مديرية الوازعية، المتاخم لمنطقة 'رويس' المحاذية لمديرية المضاربة في محافظة لحج، متحسرًا على ما تبقى من معالم هذا المعلم التاريخي العريق الذي ترجع حقبة إنشائه إلى عهد الدّولة الرسولية.

يقع الحصن في أعلى قمة جبل عزان، الذي يطل على مديريات المضاربة وذوباب وباب المندب والوازعية وموزع، حيث يحيط بالجبل سور يمتد على طوله، تم تشييده باستخدام الأحجار الكبيرة والجبس الأبيض، بالإضافة إلى وجود ما يزيد عن أربعة صهاريج مياه بُنيت في الجهة الشرقية من الحصن، مع منافذ لتصريف مياه الأمطار إليها.

كما يحتوي الحصن على ثلاث بوابات خارجية، بالإضافة إلى بوابة خاصة بمبنى في قمة الجبل من الجهة الشمالية.



ويوجد على عدد من الأحجار الصخرية نقوش حِميرية ورسوم للعديد من الحيوانات، بيد أن بعضها تعرَّض للطمس من خلال الكتابة عليها في السنوات الأخيرة من قِبل بعض الجاهلين بأهمية هذه الكتابات والمعالم الأثرية.

يقول الباحث المشمري إن الحصن، إلى ما قبل اندلاع الحرب الأخيرة، كانت أغلب أسواره ثابتة، ولم تتعرض لأي تساقط رغم عوامل التعرية، وقِدم الزمن الذي بُني فيه، لكن الإهمال والجهل الذي ساد المنطقة، خلال سنوات الحرب، تسبب في إحداث ضرر كبير بالحصن، لا سيما في ظل الغياب التام من قِبل الهيئات المهتمة بالتراث.



وأضاف المشمري -في سياق حديثه لموقع "بلقيس": "الحوثيون استخدموا الحصن، خلال الحرب الأخيرة، كموقع عسكري، خاصةً أنه يطل على العديد من المناطق، وقد تم العثور على بعض المعدات أثناء تحرير المنطقة في منتصف 2017، وتسببوا في جزء من هذا الدّمار".

وتابع: "ثم تتابع الإهمال بعد استخدام بعض الألوية العسكرية القريبة من الحصن بعض الأحجار من السور، ونقلها إلى المعسكرات، بالإضافة إلى الجهل المجتمعي بأهمية هذا المعلم، حيث إن الأميّة متفشية في المنطقة، والمنطقة محرومة من الخدمات الصحية والتعليمية، جراء تعرّض المدرسة لدمار كامل أثناء الحرب".

وأوضح: "وقد أدى ذلك إلى قيام بعض الشباب بالكتابة على بعض الصخور أسفل الحصن، حيث توجد عشرات النقوش والرسوم القديمة على تلك الأحجار الكبيرة".

وزاد: "لكن جهل الشباب وعدم اكتراث المجتمع والأهالي بهذه النقوش جعل الكثير منها، خلال السنوات الماضية، يتعرَّض للطمس بعد أن تم الكتابة على تلك النقوش والرسوم، ولم يتبقَ إلا القليل منها، الذي قد يختفي تمامًا مع مرور الوقت، نظرًا لغياب جهة تهتم بهذه المعالم القديمة".

في السياق ذاته، يقول زيد محمد سعيد -معلّمً في المنطقة- لموقع "بلقيس": "إن الحصن ظل محافظًا على نمطه مئات السنين دون أن تتكلف أي سلطة، سواء في عهد النظام السابق أو الحالي، عناء البحث عن تاريخ ودور الحصن والعمل على الحفاظ عليه وعلى النقوش والرسوم".



وأضاف: "الأمر الذي جعله عرضة للاندثار بسبب الإهمال وغياب الوعي بهذه الآثار، خاصة خلال سنوات ما بعد الحرب، حيث استُخدمت أحجاره في بناء بعض المعسكرات، ناهيك عن استخدام بعض المواطنين لها في عملية البناء، إلى جانب السيول التي خرّبت بعضًا من تلك الأسوار".

وتابع زيد حديثه لموقع "بلقيس": "الضرر الأكبر لحق بالحصن من جهته الأمامية، حيث قرب الأسوار من الوادي أسفل الجبل، وقد استولت بعض المعسكرات والأهالي على بعض الأحجار، وتم البناء بها"، مشيرا إلى أن "بعض الأسوار لا تزال، ولا سيما من الجهتين الغربية والشمالية، مُحافِظة على نسقها المعماري، بالإضافة إلى البوابة في أعلى الجبل التي كانت تشرف على الجهة الشمالية للحصن".

وأبدى زيد تخوّفه، في ظل الإهمال، من طمس بعض النقوش والرّسوم على الصخور أسفل الحصن، سواء من خلال طمس ما تبقّى من الحروف الحِميرية، أو الصور الحيوانية على تلك الصخور، سواء من قِبل بعض الشباب، أو بسبب العوامل الطبيعية، خاصة أن بعضها يقع بمحاذاة أحد الوديان المائية.

وأشار زيد إلى أن "أكبر معضلة تواجهها منطقة عزان هي الجهل وغياب الوعي، بسبب عدم وجود مدرسة تعليمية متكاملة".

وبيَّن أن "التعليم مقتصر على المرحلة الابتدائية، ومن ثم يتسرّب الطلاب لعدم وجود مدارس قريبة".

وأكد: "انعكس هذا الجهل سلبًا، من خلال قيام بعض الطلاب المتسرّبين بكتابة أسمائهم أو ذكرياتهم على تلك النقوش، دون علم أو وعي بأهميتها التاريخية، رغم أن الأجيال السابقة حافظت عليها رغم انعدام التعليم، لكن الحرب وعدم وعي الجيل الحالي كانا العاملين الرئيسيين خلف اندثار هذا المعلم الأثري".

منوعات

"نقض المفهوم الجغرافي للزيدية في اليمن".. كتاب جديد للباحث محمد العلائي

صدر حديثاً عن دار جداول في بيروت كتاب “حدود مصنوعة – نقض المفهوم الجغرافي للزيدية في اليمن” للكاتب والباحث محمد العلائي، وهو عمل فكري تاريخي نقدي يسعى إلى مراجعة إحدى أبرز المسلمات الخطيرة في الوعي اليمني المعاصر، والمتمثلة في الربط بين الزيدية، والمنطقة العليا من اليمن، حيث تقع عاصمة الدولة اليمنية الموحّدة، كما لو أن هذا الارتباط حتمية لا يطالها التغيّر ولا تقبل المراجعة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.