تقارير

لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد.. هل تنقذ الريال اليمني أم تُضاف إلى أدوات تسكين الأزمة؟

22/07/2025, 08:49:56

أطلقت الحكومة اليمنية مؤخرًا لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد في العاصمة المؤقتة عدن، في محاولة جديدة لاحتواء الفوضى النقدية والمصرفية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات. وتأتي هذه الخطوة عقب تأخير وصفه مراقبون بـ”غير المبرر”، رغم التدهور المستمر في سعر صرف العملة المحلية، وتزايد عمليات الاستيراد غير المنظم التي أثقلت كاهل الاقتصاد الوطني وأرهقت خزينة الدولة.

تضم اللجنة في عضويتها ممثلين عن الجهات الحكومية ذات العلاقة، مثل الجهات التمويلية والضبطية الجمركية والقضائية، إضافة إلى ممثلين عن البنوك وشركات الصرافة والقطاع التجاري. وقد عقدت أول اجتماع لها لمناقشة لائحتها التنظيمية وتشكيل وحدتها الفنية ووضع ضوابط العمل.

فجوة المزادات

بحسب خبراء اقتصاديين، فإن اللجنة تمثل محاولة جادة لسد الفراغ الناتج عن محدودية نظام المزادات الذي يتبعه البنك المركزي في عدن، والذي فشل في تغطية كافة احتياجات السوق من النقد الأجنبي. وأشار الخبراء إلى أن اللجنة قد تسهم في ضبط حركة العملة الأجنبية، لا سيما تلك المرتبطة بتمويل الاعتمادات المستندية، لكن ذلك يتطلب تنسيقاً دقيقاً بين اللجنة والبنك المركزي حتى لا تتضارب المهام أو تُكرر الأدوات النقدية ذاتها.

ويرى مراقبون أن غياب هذه اللجنة خلال السنوات الماضية أفسح المجال أمام جهات مضاربة للاستفادة من الفوضى النقدية، عبر تحويلات غير خاضعة للرقابة أو عبر استنزاف الأموال من خلال فوارق أسعار الصرف، في ظل ضعف الأدوات الرقابية وتعدد مصادر القرار النقدي.

استنزاف مزدوج

ويحذر خبراء من أن جزءاً كبيراً من العملة الأجنبية التي كان يُفترض أن تُخصص للاستيراد، باتت تُستخدم في عمليات تحويل الأموال إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، سواء عبر العسكريين الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية ويحوّلونها بالريال السعودي إلى ذويهم، أو عبر منظومة الفساد التي تشمل وجود مجندين وهميين تُصرف لهم رواتب يتم تحويلها خارج القنوات الرسمية.

كما يشيرون إلى نشاط مكثف لشركات تجارية تتبع جماعة الحوثي وتعمل كغطاء لسحب العملات الأجنبية من مناطق الحكومة، وهو ما يجعل عملية تنظيم الاستيراد أكثر من مجرد إجراء فني، بل مهمة أمن اقتصادي تتطلب إرادة سياسية وإصلاحاً شاملاً لآليات الرقابة.

تأخر مكلف

ويرى مختصون أن تشكيل اللجنة تأخر كثيراً، وكان ينبغي إطلاقها منذ نقل البنك المركزي إلى عدن في العام 2016، كأداة موازية لتنظيم تداول الدولار والريال السعودي في السوق المحلية، وضبط عمليات الاستيراد وتحديد أولويات السلع، من حيث الكماليات والاحتياجات الأساسية.

ورغم الدعوات المتكررة التي أطلقتها جمعية الصرافين في عدن بضرورة الالتزام بتعليمات البنك المركزي بشأن تثبيت سعر الصرف، فإن الأسواق ما تزال تشهد اضطراباً واسعاً، مع بلوغ سعر صرف الدولار نحو 2889 ريالاً، والريال السعودي حوالي 757 ريالاً، ما يعكس هشاشة الإجراءات النقدية وضعف تأثيرها على السوق الفعلي.

هل تنجح اللجنة؟

وبرغم أن تشكيل اللجنة يمثل خطوة متقدمة في الاتجاه الصحيح، إلا أن حجم التحديات يجعل من مهمة ضبط الأسواق مهمة معقدة، تتطلب مقاربة شاملة تشمل البُعد المالي والسياسي والأمني، وليس فقط إصدار لوائح أو تشكيل لجان.

 وإذا لم تُعزز هذه اللجنة بسياسات جادة ودعم دولي واضح، فقد تتحول إلى مجرد “مظلة جديدة” تُضاف إلى قائمة المؤسسات العاجزة عن كبح الانهيار الاقتصادي في اليمن.

ويتفق عدد من الاقتصاديين على أن نجاح اللجنة مشروط بعدة عوامل، أبرزها:

• تمتعها بصلاحيات حقيقية تتجاوز الطابع البروتوكولي.

• التنسيق الكامل مع البنك المركزي وبقية الأجهزة ذات الصلة.

• الشفافية في تحديد أولويات الاستيراد وضبط عمليات التمويل.

• تفعيل الرقابة على السوق المصرفية ووقف عمليات التهريب المالي والتحويلات غير القانونية.

• كسر هيمنة الفاعلين غير الرسميين على السوق، وخاصة شركات الصرافة الكبرى المرتبطة بجهات سياسية أو عسكرية.

تقارير

كيف يمكن تجاوز الازدواجية في السلطة الشرعية لتحقيق مصلحة اليمن؟

كلٌّ من الحكومة الشرعية في اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي، يعملان كرأسين لجسد واحد، مما يخلق تضاربًا في القرار وشللاً في الحركة، وهذا التباين لا يعطّل فقط المساعي نحو مشروع وطني موحد، بل يؤدي أيضًا إلى تحويل المؤسسات الحكومية إلى مجرد أدوات للنفوذ والصراعات الشخصية، بدلًا من أن تكون ركائز لبناء الدولة وخدمة مواطنيها.

تقارير

ضحايا الصمت القاتل: اختناقات متصاعدة وسط غياب معايير السلامة

في أحد أيام أبريل الماضي بقرية "المعزبة" التابعة لمديرية السبرة في محافظة إب اليمنية، تحولت مهمة روتينية داخل بئر إلى فاجعة إنسانية: سبعة أفراد من عائلة واحدة نزلوا للعمل في عمق البئر، ولم يصعد منهم سوى واحد، أما الستة الآخرون، فقد لفظوا أنفاسهم الأخيرة اختناقًا بعد أن ملأ غاز سام ناتج عن مولد كهربائي الفضاء الضيق، دون أن يمنحهم فرصة للهروب أو حتى طلب النجدة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.