تقارير

قلق في الولايات المتحدة.. روسيا والصين توسعان نفوذهما في البحر الأحمر

27/08/2025, 07:20:51

ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن البحر الأحمر يشهد في السنوات الأخيرة سباقًا محمومًا بين القوى الكبرى، وعلى رأسها روسيا والصين، لترسيخ نفوذ عسكري واقتصادي في هذا الممر البحري الحيوي، بما يضعه في قلب المنافسة الجيوسياسية العالمية، ويثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين.

وقالت الصحيفة إن موسكو، منذ الحقبة السوفيتية، لطالما نظرت إلى البحر الأحمر بوصفه بوابة استراتيجية للتأثير والنفوذ التجاري والعسكري. ففي عام 2020، أبرمت روسيا اتفاقًا مع السودان لإقامة منشأة بحرية في ميناء بورتسودان، كان من شأنها أن تمنحها موطئ قدم على الساحل الإفريقي المطل على البحر الأحمر.

لكن اندلاع الصراع بين الجنرالات المتناحرين في السودان في أبريل 2023 وضع المشروع "في حالة جمود إلى أجل غير مسمى".

وتشير الصحيفة إلى أن موسكو واصلت محاولاتها، إذ اتجهت نحو إريتريا كبديل محتمل. وقد أبدت أسمرة، المعزولة دوليًا، استعدادًا للتعاون مع روسيا، حيث ناقش وزير الخارجية سيرغي لافروف خلال زيارته مطلع 2023 إمكانية حصول موسكو على منفذ بحري عبر ميناءي مصوع أو عصب، بما يعزز وجودها قرب مضيق باب المندب.

كما كثفت روسيا تعاونها البحري مع مصر عبر مناورات "جسر الصداقة" وزيارات قطعها البحرية لقناة السويس. وتُقدَّر نسبة 8 إلى 10% من تجارة روسيا الخارجية بأنها تمر عبر البحر الأحمر.

- قاعدة في جيبوتي واستثمارات هائلة

على الضفة الأخرى، رسخت الصين وجودًا ثابتًا وسريعًا. ففي عام 2017، افتتحت أول قاعدة عسكرية خارجية لها في جيبوتي، على بعد أميال قليلة من قاعدة "ليمونيه" الأمريكية. وتصف بكين هذه القاعدة بأنها "لوجستية"، غير أن قربها من أكبر قاعدة أمريكية في إفريقيا أثار مخاوف واشنطن.

وبالتوازي مع الحضور العسكري، ضخت بكين استثمارات ضخمة في البنية التحتية بمليارات الدولارات، عبر مبادرة "الحزام والطريق". فقد تولت شركات صينية تطوير وتشغيل موانئ جيبوتي، من بينها ميناء "دوراليه"، كما ساهمت في مشروعات اقتصادية كبرى بمنطقة قناة السويس وميناء العين السخنة على الساحل المصري.

ويعكس هذا التزاوج بين النفوذ الاقتصادي والعسكري استراتيجية صينية طويلة الأمد لتأمين خطوط إمدادات الطاقة والتجارة، لاسيما أن ما بين 10 و12% من التجارة العالمية يمر عبر مضيق باب المندب وقناة السويس.

ويمثل البحر الأحمر وقناة السويس شريانًا أساسيًا للتجارة الدولية، إذ يمر عبره ما يقارب 15% من حركة التجارة العالمية. كما يشهد مضيق باب المندب مرور نحو 8.6 مليون برميل من النفط يوميًا عام 2023، أي ما يقارب 10% من تجارة النفط المنقولة بحرًا. غير أن الاضطرابات في اليمن شكلت تهديدًا مباشرًا، إذ كثف الحوثيون هجماتهم البحرية في أواخر 2023، مستهدفين سفنًا تجارية بصواريخ ومسيرات، ما دفع العديد من الناقلات إلى تغيير مسارها حول رأس الرجاء الصالح، وتسبب بانخفاض حاد في مرور النفط عبر المضيق إلى نحو 4 ملايين برميل يوميًا بحلول منتصف 2024.

في مواجهة هذه التطورات، تؤكد الصحيفة في تقريرها أن الولايات المتحدة حافظت على وجود عسكري قوي في جيبوتي، حيث تواصل قواتها البحرية التابعة للأسطول الخامس دورياتها في البحر الأحمر.

ومنذ أواخر 2023، اعترضت المدمرات الأمريكية عشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة التي أطلقها الحوثيون باتجاه السفن التجارية.

كما انضمت فرنسا وبريطانيا واليابان إلى جهود حماية الملاحة، في حين بحثت واشنطن عن شراكات جديدة مع دول البحر الأحمر والخليج للتصدي للنفوذ الصيني والروسي.

بالنسبة لإسرائيل، يشكل البحر الأحمر منفذًا استراتيجيًا لربط ميناء إيلات بالمحيط الهندي. وقد أثارت تهديدات الحوثيين في أواخر 2023 مخاوف حقيقية في تل أبيب من احتمال عزلها بحريًا. وعلى الرغم من أن الجزء الأكبر من تجارة إسرائيل لا يمر عبر هذا الممر، فإن أي إغلاق أو تهديد يعيد إلى الأذهان ذكريات إغلاق قناة السويس بين عامي 1967 و1975.

وعليه، عززت البحرية الإسرائيلية وجودها في البحر الأحمر، وشاركت في تدريبات مشتركة مع الأسطول الأمريكي وقوات عربية وغربية، فيما تحاول الموازنة بين الحفاظ على حرية الحركة وتجنب الصدام مع روسيا أو الصين.

تكشف التطورات الأخيرة أن البحر الأحمر أصبح ساحة لتقاطع التوترات الإقليمية مع منافسة القوى الكبرى. فالحرب في اليمن، والفوضى في السودان، وعزلة إريتريا، كلها عوامل تستغلها موسكو وبكين لتعزيز موطئ قدمهما. في المقابل، ترى واشنطن أن بقاءها لاعبًا أساسيًا يتطلب الجمع بين القوة العسكرية والدبلوماسية والشراكات الاقتصادية.

وبحسب صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن البحر الأحمر يقف اليوم عند مفترق طرق جيوسياسي حساس، تتنافس فيه روسيا والصين والولايات المتحدة وحلفاؤها، في وقت لا تزال فيه الصراعات الإقليمية قادرة على تعطيل شرايين التجارة العالمية.

تقارير

هل تحولت السجون السرية إلى جريمة مشتركة بين كل القوى المتصارعة في اليمن؟

زنازين بلا أسماء، وأبواب مغلقة على وجوه لا تعرف الضوء، وليل طويل يبتلع أصوات المعتقلين الذين لا يعرفون سبب احتجازهم ولا متى ينتهي عذابهم من شبكة سجون الحوثيين الواسعة والسرية التي تحتجز فيها آلاف الناشطين والصحفيين والأكاديميين

تقارير

ملف 'الإعاشة' يعود إلى الواجهة.. هل تملك الحكومة الشجاعة لوقف هذا النزيف؟

ملايين الدولارات تُصرف شهرياً لمسؤولين يُقيمون خارج حدود الوطن، تحت مسمّى "الإعاشة"، بينما ملايين اليمنيين عاجزون عن تأمين وجبة يومية، الأمر الذي جعل اليمنيين ينظرون إلى ملف "الإعاشة" كمعيار لمدى جدية السلطة في مواجهة الفساد، وإعادة ترتيب الأولويات والإصلاحات الاقتصادية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.