تقارير

على وقع الغضب الشعبي.. قراءة لخطاب زعيم مليشيا الحوثي بعد تسع سنوات من الانقلاب؟

22/09/2023, 15:40:12

على غير عادته من التهديد والوعيد في مواجهة الداخل، ظهر عبدالملك الحوثي لأول مرة يتحدث بلغة تشبه لغة طامح سياسي بدورة انتخابية جديدة، قسم كلمته بمناسبة ذكرى سقوط الجمهورية 21 سبتمبر (ويعتبرها ثورة خالدة) عن أهم الأسباب، التي دعته إلى قيادة تلك المعارك وإسقاط الجمهورية، ثم إنجازات جماعته، ثم وعوده الجديدة، في خطاب غلب عليه لغة الاستعطاف مع إصرار شديد على تمرير مشروعه الإجرامي.

خلا الخطاب الحوثي من التطرَّق إلى المفاوضات، وتفسير توجّه جماعته نحو علاقة جديدة مع التحالف، كما لم يذكر أي تهديد إطلاقا رغم عرضه العسكري وتفاخره بما يمتلكه من أسلحة نحو السعودية والإمارات، كما لم يتحدث عن خلايا المؤامرات والفتنة، رغم تطرقه إلى أن وسائل إعلام مضادة تشن حربا ناعمة ضد جماعته تستهدف الجبهة الداخلية.

لم تكونوا بخير قبل الجمهورية:

وفي محاولة منه لامتصاص الغضب الشعبي، سرد الحوثي أبرز المشاكل والتداعيات، التي كانت موجودة، بصورة عامة، دون ذكر أرقام أو بيانات؛ لأنها ستخذله بالتأكيد مقارنة مع الوضع الحالي.

اقتصاديا: تحدّث الحوثي عن سلسلة قرارات كانت تتخذها الحكومات الجمهورية السابقة سببت الغلاء، مثل "سياسة فرض الجرعة بعد الجرعة على الشعب"، وعن فساد هائل في الحكومات الجمهورية، التي لم تقم بأي تنمية رغم توفّر الموارد -حد زعمه- في إشارة منه إلى طلب مزيد من الوقت لجماعته؛ لتلافي الأخطاء.

وهي فكرة وردت أيضا في أحد خطابات محمد علي الحوثي في صنعاء قبل أيام أيضا، حين قال: "امنحونا الفرصة"، وكررها أيضا مهدي المشاط في ريمة: "ما زال هناك وقت أمامنا لتحقيق ما نريد".

وفي محاولة يائسة لاستعادة علاقة متصدِّعة مع عناصر بعض القبائل، التي قاتلت بجانبه طيلة سنوات، وجازاها بالسيطرة على أراضيها وعقاراتها وممتلكات رجال أعمالها، من صعدة مرورا بعمران وبقية المحافظات، قال الحوثي، في خطابه، إن القبيلة في السابق كانت تتعرَّض للانتقاص والسبّ والشَّتم، وزراعة الفتن، في وقت تشهد معظم المحافظات - الواقعة تحت سيطرته- اشتباكات متفاقمة لم تسلم منها حتى صعدة.

تناقض واضح

قال الحوثي إن ثورته أنجزته "الاستقلال والسيادة" (يقصد الحوثي حصرا حتى الآن بهذا المفهوم عداء الجمهورية والشعب اليمني ودول الخليج العربية، وخاصة السعودية كهدف إيراني)، لكنه اعترف بالوقت ذاته بأن التحالف، ولم يقل العدوان "قام التحالف باحتلال أجزاء واسعة من البلد، وواصل سياسته العدائية في تمزيق النسيج الوطني...".

كما لم يفسر -بأي حال- مباشرة أو غير مباشرة مطالب جماعته بالأموال والمرتبات من السعودية، والمقابل الذي ستدفعه الجماعة حتما مقابل تلك الأموال التي ستحصل عليها إن اتفقت مع السعودية.

لم يجد الحوثي ما يتفاخر به من أداء جماعته بعد سنوات من عودة الإمامة إلى الحكم بطريقة غريبة تجمع بين الإمامة في عقيدتها، والتجربة الإيرانية في هيكلها التنظيمي، والصيغة الكورية الشمالية في العزلة والاقتصاد والعلاقة مع الخارج، لم يجد شيئا إلا الأسلحة الإيرانية من صواريخ وألغام وطيران مسيَّر وأسلحة أخرى، زاعماً أن جماعته صنعتها.

تتحدث كل التقارير التابعة للخبراء في مجلس الأمن، وغيرها من مراكز الأبحاث، والخبراء على أن جميع الأسلحة الحوثية هي من إيران، قُدمت إلى اليمن على هيئة مكوِّنات متفرِّقة، أُعيد تجميعها بما فيها الصواريخ الجديدة، التي أعلن عنها الحوثي في استعراضه العسكري.

وبينما حمل خطابه هجوما شديدا على النظام الجمهوري وحكوماته السابقة، باعتباره أساس المشكلة اليمنية الاقتصادية وغيرها، إلا أنه أرجع السبب في انهيار الخدمات والوضع الاقتصادي إلى دمار المؤسسات الهائل، التي دمرت بالحرب، وهي من إنجازات النظام الجمهوري حصرا.

وقال: "استهدف المدراس والمستشفيات والأسواق، والمتاجر، والمصانع، والثروة الحيوانية، ووسائل النقل، والطرق، والجسور، والموانئ، والمطارات، واستهدف المباني الحكومية"، ولم ينشئ الحوثي أي مؤسسة جديدة منذ سقوط العاصمة بيده، سوى مؤسسات الجبايات الهائلة قسراً.

أهم أوجه التغيّر في خطاب الحوثي: استعطاف نابع من إدراك حقيقة وهنه وضعفه، في ظل الغضب المتنامي، الذي يزلزل مليشيا الحوثي، توسَّل الحوثي بلغة هادئة ومختلفة، في خطابه الأخيرة، مقارنة بالخطابات السابقة، الأعذار له وعصابته بصوت هادئ ونبرة منخفضة: "شعبنا العزيز: لقد كان من الطبيعي أن تكون الأولوية الأولى والكبرى هي التصدي (للتحالف والحكومة)؛ إذ هي أولويةٌ بكل الاعتبارات: الإنسانيَّة، والأخلاقية، والدينية، والوطنية، ولا تزال أولوية، حتى يتم إنهاء التحالف والحصار والاحتلال، ولكننا لن نتجاهل الأولوية الأخرى، في تصحيح الوضع في مؤسسات الدولة، كهدفٍ أساسيٍ (لثورته المزعومة)، ومطلبٍ شعبيٍ نعمل على تلبيته".

ولم تكن هذه الأولوية موجودة في قاموس ودعايات الحوثي مطلقا، إلا قبل سقوط الجمهورية بيده، واستذكرها الآن كما استذكر بالأمس مهدي المشاط، وعدا حوثيا قديما بتحويل مقر الفرقة الأولى مدرَّع إلى حديقة.

ولأول مرّة يعترف الحوثي بأن جماعته تعتمد في إيراداتها كلياً على الجبايات، وأورد الحوثي الكلمة بذلك اللفظ، واعترف بأنها مكلّفة، لكنّه لم يأمر جماعته، التي تغتصب أموال اليمنيين بوقفها، كما اعترف لأول مرّة بأن حكمه أرهق القطاع الخاص والمواطن، وحد من الاستثمار والتنمية الاقتصادية للقطاع الخاص، واعترف أيضاً بالفساد في حكومته، وتعطيل الأعمال.

ويعود الفضل في هذا الاعتراف للحراك الذي يقوده القطاع الخاص، منذ أشهر، عبر البيانات والإضرابات والتظاهرات والتهديد بالتصعيد ضد الحوثي وحكمه.

مع ذلك؛ أرسل الحوثي إشارة سيئة للقطاع الخاص والاقتصاد الوطني، بإبقاء اللجنة الاقتصادية العليا حين أشاد بدورها، وهي الحكومة الفعلية للحوثي، أو أحد أهم أدوات ومؤسسات الحكم النافذة، التي تتبع الجهة الخفية الحاكمة في مليشيا الحوثي وفق تصريح سابق لأحمد سيف حاشد - عضو مجلس النواب الموالي للجماعة.

وتشير هذه الإشارة إلى أن التغييرات، التي أعلن الحوثي عزمه اتخاذها بعد أسبوع، لن تطال القوى الفعلية في حكومته، وأنها ستذهب إلى تصفية ما بقي من مؤسسات دولة، واستكمال مؤسسات دولته الانفصالية شمالا، وتعيين الشخصيات التي يثق بها شخصيا، مع دفع بالمجلس السياسي الأعلى، ومعظم المؤسسات الحوثية في صنعاء إلى إعلان الترحيب بالتغييرات!!

المؤتمر على قائمة الأهداف

حمّل الحوثي التحالف والحكومة مسؤولية فشله في دفع مرتبات الموظفين والتنمية، التي كانت قائمة قبل سقوط الجمهورية، بعد أن هاجم الجمهورية وحكوماتها بشدة، وقال إن السبب الرئيس لكل هذا الفشل هو التحالف، وحربه.

كما حمّل مثلما فعل المشاط ومحمد علي الحوثي النظام الجمهوري والدستور والقانون واللوائح الداخلية مسؤولية فشله، وتوعد بتغييرهم، في أبرز مؤشر على استهداف شريكه الذين يسميهم المورث السابق والمدسوسين والخونة والعملاء، وبعض من قادة جماعته غير الأكفاء.

ووعد بتغييرات واسعة تستهدف -على ما يبدو- المؤتمر الشعبي وبعض المؤسسات الحكومية، التي باتت تشكل صداعا له، مثل عضوية المجلس السياسي الأعلى، ومجلس الوزراء، وربما تطال التغييرات مجلس النواب، أو تجميد عمله.

وقد بدأ الحوثي فعلا بتمكين أصحابه الجدد في مؤسسة موانئ الحديدة -أحد أهم المؤسسات الإيرادية في اليمن، في مناطق سيطرة الحوثي.

تقارير

ما وراء الاتفاق الأمريكي الحوثي بشأن وقف الهجمات في البحر الأحمر ؟

بعد يوم دامٍ شهدته صنعاء ومطارها الدولي، خرج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأسلوبه المعهود أمام الصحافة الأمريكية، بتصريحات فاجأت الجميع، معلنًا أنه تلقى رسالة من ميليشيا الحوثي، مفادها: “رجاءً لا تقصفونا، ولن نستهدف سفنكم”.

تقارير

بين الواقعية واحتمالات التصعيد.. تصريحات حوثية وهجمات إسرائيلية

جاء إعلان الحوثيين 'فرض حصار جوي شامل على جميع المطارات الإسرائيلية' إشارة إلى رفع مستوى التصعيد الإقليمي في المنطقة، فإسرائيل قالت بوضوح إنها لن تصمت وسترد بقوة على الحوثيين وداعميهم الإيرانيين في الزمان والمكان المناسبين.

تقارير

عدن بلا كهرباء والانتقالي ينفق نصف مليون دولار لتلميع صورته في واشنطن!

في وقت تتساقط فيه العملة الوطنية كأوراق الخريف، ويعيش المواطن في عدن والمحافظات الأخرى بين الظلام والخدمات المتدهورة، يظهر عيدروس الزبيدي -رئيس المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات- ليطلق بعثات للانتقالي في واشنطن، ويَعد بفتح أخريات في عواصم العالم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.