تقارير

تصريح وزير الخارجية يفتح النقاش ويثير الجدل.. رسالة سياسية أم موقف حكومي موحد؟

08/11/2025, 08:11:47

قبل أيام، قال وزير الخارجية إن مهمة الحكومة هي العمل على قضايا اليمنيين بشكل عام، وإنها لا تتعامل مع مسائل لا وجود لها على أجندتها، وعلى رأسها تلك المتعلقة بما يُسميه المجلس الانتقالي "حل الدولتين".

هذا التصريح اقتضى ردًا شديد اللهجة من جانب المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي نفى ما أورده وزير الخارجية، متهمًا إياه بتبني خطاب عدائي تجاه الجنوب وقضيته، ومؤكدًا أن "حل الدولتين" جزء من التفاهمات السياسية التي على ضوئها تشكّلت الحكومة الحالية ومجلس القيادة الرئاسي.

- في إطار مهمته كوزير

يقول القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح: "تصريح الوزير شائع محسن جاء في إطار مهمته كوزير خارجية مسؤول عن الحالة الدبلوماسية".

وأضاف: "ربما أراد من خلاله أيضًا إيصال رسالة سياسية إلى جهات دولية وخارجية، لطمأنتها بأن موقف الحكومة اليمنية موقف موحّد، وهذا أمر صحيح".

وتابع: "المجلس الانتقالي الجنوبي، بوصفه جزءًا من الحكومة، يعمل في إطار السعي إلى تحقيق جهد مشترك داخلها، بما في ذلك تبني موقف موحّد بشأن حل قضية شعب الجنوب".

وأوضح: "الوزير شائع انطلق من هذه الرؤية، وتعليق المجلس الانتقالي الجنوبي على تصريحه لم يكن استهدافًا له، ولا تشكيكًا في مكانته، فهو يحظى بالاحترام الكبير، وهو أحد رجال الدولة الجنوبية الذين يدركون تمامًا معنى دولة الجنوب وأهمية استعادتها".

واستدرك: "إنما كان الهدف من الرد تأكيد موقف المجلس الانتقالي الجنوبي فيما يتعلق بالقضية الجنوبية".

وتابع: "الوزير ربما تحدث في سياق ما هو قائم حاليًا، إذ لا توجد حتى الآن أي طروحات محددة بشأن خيارات الدولة، سواء دولة موحدة أو فيدرالية أو مسألة فك الارتباط".

وأشار إلى أن "الواقع العملي في إطار الشراكة القائمة في حكومة المناصفة ومجلس القيادة الرئاسي يُظهر تمثيلًا لمختلف هذه المشاريع".

وأكد: "المرحلة النهائية للتسوية السياسية هي التي ستُطرح فيها جميع هذه الخيارات والمشاريع للنقاش".

واستطرد: "الحلول لا تُقدَّم عبر التصريحات الصحفية، وإنما تُطرح فعليًا عند الوصول إلى مرحلة التسوية السياسية".

وأردف: "المجلس الانتقالي الجنوبي سيكون حاضرًا فيها، استنادًا إلى اتفاق الرياض، وبموجب التفاهمات داخل مجلس القيادة الرئاسي بعد إعلان نقل السلطة، بوصفه ممثلًا لقضية شعب الجنوب في العملية السياسية القادمة".

وقال: "ما استفز المجلس الانتقالي الجنوبي وأثار ردّه هو ورود بعض المصطلحات التي تُشكّل استفزازًا للشارع الجنوبي، ولا تتلاءم مع الواقع القائم، ومنها استخدام مصطلح ما يسمى بحل الدولتين".

وأضاف: "الجنوبيون لا يؤمنون بهذا المصطلح؛ لأنهم يتحدثون عن فك الارتباط، وهو أمر مختلف".

وأوضح: "البيان الصادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يكن تصعيدًا، بل استمرارًا لمواقفه وبياناته السابقة التي تهدف إلى تأكيد تمسّكه بأهدافه".

وأعرب عن أمله في أن يكون الوزير -في الفترات القادمة- صاحب موقف داعم لقضية الجنوب، وأن يُسهِم من خلال موقعه في توضيح رؤية وموقف شعب الجنوب ومطالبه في استعادة دولته.

وأردف: "المجلس الانتقالي الجنوبي طالب الوزير والحكومة بتوضيحات بشأن التصريح الأخير"، مؤكدًا أن "قضية شعب الجنوب هي قضية دولة وهوية ونضال مستمر منذ العام 1994".

وتابع: "التصريح ربما نُقل بطريقة غير مكتملة، أو أن الوزير أراد من خلاله إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي أو جهات محددة تفيد بوجود موقف موحد للحكومة اليمنية".

وأكد: "البعض يحاول تصوير مثل هذه التصريحات على أنها انتصار للوحدة، وأن حل الدولتين غير وارد، وأن قضية الجنوب انتهت".

ويرى: "هذه الرؤية غير دقيقة؛ إذ إن كل المقترحات والحلول، بما فيها ما يُسمّى 'حل الدولتين' أو 'استعادة الدولة الجنوبية'، لا تزال تُناقَش وتُطرَح ضمن رؤى متعددة لمختلف القوى".

وبيّن: "المجلس الانتقالي الجنوبي، بوصفه ممثلًا لقضية شعب الجنوب، يتمسك بخيار استعادة الدولة الجنوبية، فيما يطرح الوحدويون خيار الدولة الواحدة، ويطرح آخرون نموذج الدولة الاتحادية وفق مخرجات مؤتمر الحوار، وربما يقدّم الحوثيون رؤاهم الخاصة عن 'الدولة المركزية' أو 'دولة الولاية'".

- تصريح يعبّر عن وجود دولة

يقول أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الدكتور عبد الباقي شمسان: "بيان وزير الخارجية هو أول تصريح يمثل أو يعبّر عن وجود دولة تتعامل مع الأدبيات والمعطيات والقانون الدولي بشكل سليم".

وأضاف: "على المستوى النظري والعملي لا يوجد ما يمكن الحديث عنه بشأن فك الارتباط؛ لأن هناك شخصيتين -دولتين- اتحدتا في شخصية دولية واحدة هي الجمهورية اليمنية".

وأوضح: "وفقًا للدستور ومواثيق الأمم المتحدة لا يجوز العودة إلى ما قبل الكيان الجديد؛ هذا هو العنصر الأول".

وتابع: "العنصر الثاني؛ اليمن تحت الفصل السابع، وهذا يعني أن أي قرار بفك الارتباط لا يمر إلا عبر مجلس الأمن، وإذا ما أُعلن فك الارتباط فسيَتخذ مجلس الأمن قرارات قد تصل إلى التدخل العسكري أو عقوبات إلى آخره".

وأكد: "التعامل مع فك الارتباط على المستوى الوطني والدستوري يُعتبر تمردًا عسكريًا وتهديدًا للسيادة الوطنية، وبالتالي سيسمح ذلك لكثير من الكيانات والجماعات باتخاذ إجراءات مضادة".

وبيّن: "حتى لو تكلّمنا عن المجلس الانتقالي أو حتى عن اتفاق الرياض -بعيدًا عن الشق العسكري والأمني- فهناك حديث عن توحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية، وبالتالي هذا لا يعني فك الارتباط، وإنما توسيع المشاركة واستيعاب أبناء المناطق الجنوبية في السلطة".

ويرى: "المجلس الانتقالي حالة تعبيرية وحاجة نفعية إقليمية؛ فرغم وجود مظالم لأبناء المناطق الجنوبية، إلا أن المجلس لم يعد يعبّر عن حالة وطنية بقدر ما يعبّر عن رغبة إقليمية تسعى إلى تجزئة اليمن".

ونبّه إلى أن "الدستور اليمني وإعلان بيان الوحدة لا يمنحان أي طرف حق العودة إلى ما قبل عام 1990".

وأكد: "الأمم المتحدة لا تعترف إلا بالجمهورية اليمنية، وبالتالي أي إعلان من طرف واحد لا يغيّر هذا الواقع".

وأوضح: "هناك تجارب سابقة لإعلانات أحادية لم تؤدِ إلى عودة حقيقية"، مستدركًا أن "الرهان على اعتراف دول كبرى أو لوبيات خارجية غير واقعي".


وقال: "قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة تُؤكد على وحدة وسلامة الأراضي اليمنية، وأن الشعب اليمني يعتبر الوحدة خيارًا أساسيًا، وأن الحلول البديلة تتمثل في تحويل المجلس الانتقالي إلى أداة وطنية ومحلية بدلًا من أداة إقليمية تعطل العملية السياسية".

وأضاف: "بعض الجهات -على رأسها الإمارات في حالة مذكورة- توظف المجلس توظيفًا مصلحيًا، إذ تدفعه وتموّله بهدف الاستيلاء على المواقع والثروات اليمنية في واقع غير عادل وبعيد عن السلطة الدستورية والشرعية".

واستطرد: "السؤال الأهم هو: فك الارتباط عن ماذا؟ هل هناك كيان دولي له شخصية معترف بها في الأمم المتحدة؟ فاليمن دولة عضو في الأمم المتحدة وتحت سلطة مجلس الأمن، وأي إعلان من هذا النوع سيُعتبر تمردًا عسكريًا".

وأردف: "أما إعلان الاستقلال أو الادعاء بالكيان المستقل، فذلك يدخل في مواجهة مباشرة مع مجلس الأمن نفسه، لذلك يجب أن نكون عقلانيين".

وشدد: "لا يوجد ما يسمى شعب الجنوب، بل هناك الشعب اليمني بكل مكوناته، وما جرى في حرب 1994 وما بعدها مجرد معطيات ونتائج لإجراءات اتخذت عند تحقيق الوحدة، بعضها لم يكن مؤسسًا بشكل سليم".

وزاد: "إننا اليوم أمام دولة متأثرة بالأمن والسلم الدوليين، وأمام واقع متشظٍ، ومع ذلك فاليمن يُعد مكسبًا دوليًا ويمنيًا يجب الحفاظ عليه".

ونوّه: "خطاب الانتقالي سياسي عاطفي لا يستند إلى قواعد قانونية، فاليمن لم تعد قراراتها وسيادتها شأنًا محليًا خالصًا، إذ إن المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن كلها تتحدث عن سلامة ووحدة أراضي الجمهورية اليمنية".

وذكّر أن "اتفاق الرياض '1 و2' رغم أنه تضمّن تفاهمات جانبية، إلا أنه أكد على وحدة اليمن"، لافتًا إلى أن "هناك متغيرات دولية وقوى ترى في بقاء اليمن موحدًا مصلحة إقليمية ودولية".

وأكد: "من يعرقل اليوم استيعاب الدولة وتقديم الخدمات ويفرّط بالسيادة الوطنية ويسلّم الجزر لدول إقليمية، ويعطّل ميناء عدن هو المجلس الانتقالي نفسه".

وقال: "مجلس الثمانية صُنِع ليعرقل صناعة القرار في اليمن"، موضحًا أن "الهدف من تشكيله هو إبقاء الوضع اليمني على ما هو عليه بما يخدم المصالح الإقليمية التي لا ترغب بوجود سلطة قوية وفاعلة".

وأضاف: "التحكم في كل أطراف ما يُسمّى بالشرعية يهدف إلى منع قيام دولة مستقلة؛ لأن إنهاء هذه الشرعية سيؤدي إلى تدخل مجلس الأمن، وتشكيل سلطة انتقالية جديدة بإشراف دولي".

وأشار إلى أن "الواقع الحالي معطّل ولا يعبّر عن السيادة الوطنية، إذ يجري الإبقاء عليه كما هو حتى تُعاد هندسة الجغرافيا اليمنية، وفرض تسوية جديدة تعيد تشكيل الهوية الوطنية وفق مخطط الشرق الأوسط الجديد".

وأكد: "لا مؤشرات على قيام دولة جنوبية مستقلة، فالتوجهات الدولية تتحدث فقط عن دولة فدرالية، أو نظام تقاسم سلطة بين الشمال والجنوب".

ودعا شمسان النخب اليمنية إلى "بناء رؤيتها السياسية وفق القواعد الديمقراطية الحقيقية"، مشددًا على أن "التمثيل القائم على المناطق أو الطوائف لا يعبّر عن المساواة والمواطنة، بل يؤدي إلى إعادة إنتاج القوة وتعطيل قيام الدولة".

تقارير

كيف حولت مليشيا الحوثي شركة يمن موبايل إلى غنيمة مالية وأداة قمع؟

تشهد شركة «يمن موبايل»، كبرى شركات الاتصالات في اليمن، انهياراً غير مسبوق في بنيتها الإدارية والمالية والفنية، بعد أن أحكمت مليشيا الحوثي قبضتها عليها وحوّلتها إلى مصدر تمويل ضخم يخدم أجندتها السياسية والعسكرية، وفق مصادر مطلعة في صنعاء.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.