تقارير

بعد ربع قرن من العمل في إذاعة تعز .. "الراعي" إعلامي هزمته الحرب والإصابة والإهمال

16/02/2021, 08:35:55
المصدر : قناة بلقيس - هشام سرحان

من أثير إذاعة تعز لأكثر من رُبع قرن إلى فراش غير وثير، يتلوى فيه الإعلامي أحمد محمد مرشد الراعي (55 عاماً)، ويكتم حسرته وحزنه على فقدان نجله الأكبر، وإصابة اثنين من أولاده، إلى جانب تعرّضه لإصابة بليغة ألزمته الفراش، إثر قصف طال منزله في حي 'الجحملية'، وسط مدينة تعز، قبل أربع سنوات.

ويئنّ، وهو خريج معهد 'خليفة' للإذاعة والتلفزيون، من هول الأوجاع الناجمة عن تلف مفصل 'الورك' الأيسر، وعجزه عن السفر للعلاج في الخارج، وإجراء عملية جراحية مكلّفة. كما يشكو وجعاً دفيناً آخر، جلبته رياح الإهمال، وتجاهل الحكومة الشرعية، والسلطات المحلية في المحافظة، والعاملين في المجال الإنساني.

إنه شريد ووحيد إلا من عذاباته، وهمومه، وبقايا أسرة فقيرة، منسية ومكلومة، مثقلة ببؤسها، وشقائها، وفاقتها، وشدة حاجتها للغذاء، والدواء، والمأوى، والملبس، والأثاث، والفراش، والبطانيات، وغيرها من متطلبات العيش والبقاء على قيد الألم، والجراح، وتبعات الحرب، التي دمّرت منزلهم، وسلبتهم مدخراتهم وممتلكاتهم، كما أقعدت عائلهم سنوات، رغم تغيير مفصل صناعي له، وإجراء 5 عمليات جراحية غير ناجحة، في عدة مستشفيات بمحافظتي عدن وتعز .

يعيش، ومعه الآلاف من ضحايا الحرب، أوضاعاً إنسانية، ومعيشية، ومادية، وصحية، وتعليمية، في غاية السوء، والخطورة، والتردي، بالتزامن مع انقطاع الرواتب، وشحة المساعدات، وارتفاع الإيجارات، وغلاء المعيشة والأسعار، وغياب الخدمات. 

ويعاني الإعلاميون في اليمن أوضاعاً بالغة السوء والتعقيد، جراء الحرب، التي تعرضوا فيها للقتل، والإصابة، وتدمير منازلهم، والتشرد، والنزوح، والانتهاكات المتعددة، من: ملاحقات، وتعذيب، ومحاكمات، واختطافات، واعتقالات، وإخفاء قسري.

 رهن الفقر والإعاقة

ويفتقرون مع أسرهم للمساعدات، في ظل الإهمال الحكومي والمدني لمأساتهم، الأمر الذي دفع بهم إلى مربّع الفقر والجوع، وشظف العيش، والحرمان من الحقوق، إلى جانب الإصابة بالأمراض المزمنة، والجلطات، والذبحات الصدرية، جراء قسوة الظروف، ومرارة الحياة.

وينزوي الراعي في منزل قديم، ومتهالك، وضيّق، ومجرد من كل مقوِّمات الحياة، بما فيها التهوية، التي تتسلل إلى كوخه البعيد عن الاهتمام الرسمي، والمجتمعي، والإنساني، وفاعلي الخير، بصعوبة فائقة، تزيد من كمده وكربه، وتجعله يتنفس بصعوبة.

وتخيّم المأساة في أرجاء المكان، وسط حي شعبي مكتظ بالأسى والحرمان، وتفصح معالمه عن مشهد مؤلم أوجدته الحرب، وفاقمته الظروف المعيشية الصعبة، التي لم تتحْ للراعي توفير لقمة العيش، وإطعام أسرته، والسفر إلى الهند لإجراء عملية جراحية في أحد المراكز الطبية المتخصصة، ليظل حبيس الفقر، ورفيق الإصابة والدُّموع.

يحرّك الراعي رأسه يمنة ويسرة، على وسادة لطالما ألفت أنينه ودموعه، ويرمق مسكنه بنظرات متثاقلة ومثخنة بالحزن، يبدو فيها كمن يبحث عن يد تمتد إليه، وتقيله من عثرته، لكنه لا يجد سوى عكازتين تحملانه إلى جوار منزله، ومن هناك يتطلع في الأفق فيجده قاتماً، ولا بصيص أمل يتسرّب إلى عالمه الكئيب والبائس. 

ويستهجن، في حديثه لموقع 'بلقيس'، التنكر الحكومي له، وذلك بعد أكثر من 25 عاماً قضاها في خدمة الوطن، والعمل في إذاعة تعز، التي تنقّل فيها بين إدارة 'البرامج' و'الأخبار'، وغيرها، ولعب أدواراً متعددة، كما نفذ جميع المهام التي أوكلت إليه بكل مسؤولية وتفانٍ ونكرانٍ للذات.

والتحق بالعمل الإعلامي في العام 1980،

وعمل في إعداد وتقديم البرامج الإذاعية، ورئيساً لتحرير الأخبار، ورئيساً لقسم الإعلانات والخدمات الإعلامية، ومسؤول قسم المكتبة والتنسيق البرامجي، ورئيساً لقسم الاستماع السياسي، وأمين مخازن قطع غيار الإرسال الإذاعي.

 مفترق عذابات

بعد استرساله في الحديث عن ذلك، يتأوه ويتنهد بقوة، ويقول متحسراً وبصوت متقطع "وضع عائلتي المعيشي سيِّئ للغاية، وأنا لا حيلة لي، كوني مريضا ومقعدا وطريح الفراش، منذ أربع سنوات". 

يكتوي بعذاباته، وعجزه عن سد احتياجات أسرته، والإيفاء بالتزاماته نحوها، فضلاً عن توفير تكاليف السفر والعلاج في الهند، البالغة عشرة آلاف وستمائة دولار تقريباً، في حين تشتد حاجته لذلك.

يغرق في شروده والتفكير في من سيتكفل بعلاجه، وينقذه من إعاقته التي خلفتها الحرب، ولفقدانه الأمل بالحكومة، يستهل مناشدته بدعوة رجال الأعمال والتجار وفاعلي الخير إلى الالتفات إليه، ومد يد العون. 

يكسو ملامحه الإنهاك والتعب، يبدو يائساً ومحبطاً، بعد سنوات من الانتظار والبحث عمن يتكفل بعلاجه، ويتحمل تكاليفه الباهظة. وبعد أن يفيق من شروده، يأمل في لفتة كريمة من الحكومة الشرعية، ويطالبها بالنظر إليه بعين الرحمة، والاعتبار، والتكفل بعلاجه في الخارج، ويغرق في البكاء.

وبين هول مصابه ومصاب أسرته، تتشتت أفكاره. يقف في مفترق طرق بين حاجته للعلاج، ومسؤوليته تجاه أسرته، وحاجتها الماسة للتخفيف من وطأة معاناتها، وتطبيب جراحها، والأخذ بيدها لتجاوز محنتها، وسوء وضعها المعيشي والمادي المطبق على أنفاسها.

ويستدرك "لديّ أسرة وأطفال، وضحايا حرب سقطوا في القصف، الذي تعرض له منزلي في 'الجحملية'، شارع 'القمط'، ويحتاجون إلى الغذاء والدواء والمسكن والرعاية الصحيّة اللازمة".

وفيما توصد الأبواب في وجهه، يطرق اليوم في ختام حديثه لموقع 'بلقيس' نافذة أهل القلوب الرحيمة، وأصحاب الأيادي البيضاء، والمنظمات الإنسانية، والمؤسسات، للتدخّل لإنقاذ حياته مع أسرته.

تقارير

مؤتمر الخبراء والباحثين اليمنيين بإسطنبول يناقش أزمات الصحة النفسية وجودة الأدوية

باحثون وأكاديميون يمنيون يناقشون خلال جلسة علمية ضمن مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين المنعقد في مدينة إسطنبول، والذي تنظمه مؤسسة توكل كرمان، عددًا من القضايا الصحية والعلمية التي تمس واقع المجتمع اليمني في ظل ثمانية عقود من الصراعات وما خلفته من أزمات ممتدة أثرت على الإنسان ومؤسسات الدولة على حد سواء.

تقارير

مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين بإسطنبول يناقش واقع البحث العلمي والتعليم الجامعي

ناقش مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين الذي تنظمه مؤسسة توكل كرمان والمنعقد في إسطنبول في أولى أيام المؤتمر عددًا من البحوث وأوراق العمل التي قدمها أكاديميون وخبراء، تناولت جملة من القضايا التي تمس جوهر القضية اليمنية

تقارير

عام على تصدع المحور الإيراني.. الحوثيون الاختبار الأخير

بعد وقف الحرب في قطاع غزة، لم تُغلق بقية ملفات الصراع الإقليمي، مثل الملف الإيراني الذي ما زال مفتوحا على مصراعيه، واستمرار التوتر بين الكيان الإسرائيلي والمحور الإيراني، فإسرائيل تلوح باستئناف القصف على مواقع حزب الله في لبنان إذا لم يسلم سلاحه للدولة

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.