تقارير

الكاتب والصحفي الراحل محمد المساح.. استوقف الزمان وغادره بصمت

22/04/2024, 07:21:26

الكاتب والصحفي اليمني محمد المسّاح، صاحب عمود "لحظة يا زمن"، الذي أطل به على قرائه من على صحيفة "الثورة" الرسمية، لسنوات طويلة؛ يودع الحياة ويترك خلفه إرثا ثقافيا ومعرفيا ملهما للأجيال الصحفية والأدبية، التي جاءت من بعده.

نعى اليمنيون الصحفي المسّاح، بشكل مهيب بعد وفاته، يوم أمس الأول، في مسقط رأسه بريف محافظة تعز.

عرف المساح بطريقته المميّزة في الكتابة الصحفية، التي يمزج فيها الأسلوب النثري الجميل، في تناولاته للقضايا السياسية والاجتماعية والثقافية اليمنية، ولم يغادر عموده على صحيفة "الثورة"، لأربعة عقود، إلى أن جاءت مليشيا الحوثي، وسيطرت على البلاد ومؤسساتها ومقدراتها، فاضطر إلى ترك ما يعشقه ويهواه، ويرتحل إلى مسقط رأسه في ريف تعز.

وللصحفي المسّاح كفاح لرجل عصامي ككاتب وصحفي من الطراز الخاص، وأحد مؤسسي فن العمود الصحفي في اليمن، وعرف بمواقفه السياسية ونشاطاته النقابية الصادقة مع قضايا الناس، خلال مراحل متعددة من مسيرة حياته.

إرث كبير تركه الراحل محمد المسّاح، من خلال كتاباته وأعماله الصحفية والأدبية، التي دعا فيها محبيه رجال الأعمال ومؤسسات الدولة الثقافية والصحفية إلى جمعها وطباعتها، وتوثيقها لتخلد مسيرته وأبرز أعماله.

- رحلة نضال دون تقدير

يقول الصحفي وليد البكس: "إذا أحببنا أن نتحدث عن الأستاذ الراحل محمد المساح يجب أن نتحدث عن سيرة ممتدة لنصف قرن، ولا يستطيع أحد أن يحصره في فترة معينة؛ لأنه توليفة من جميع ما يخطر في العمل الصحفي والإنساني والمدني والثقافي والسياسي والحقوقي، وهذا يمتد لأجيال من الصحفيين والسياسيين والمثقفين".

وأضاف: "عندما نتحدث عن الصحفي الراحل المساح يجب أن نستذكر التاريخ والجغرافيا والسياسة والنضال، بشكل عام".

وتابع: "كان الراحل المساح مناضلا ومنشقا ومتمردا، ومن الناس المبادرين في الجانب الإنساني، بالوسط الصحفي، وخارج الوسط الصحفي".

وأردف: "في الجانب السياسي، يقال إن الأستاذ الراحل محمد المساح عندما كان في جامعة القاهرة، انضم وانخرط مع حركة القوميين العرب في ستينات القرن الماضي".

وزاد: "ولد المساح في الحجرية بمحافظة تعز، وبدأ حياته وتعلم في عدن، وانتقل بعدها إلى القاهرة لإتمام الدراسة، ثم عاد إلى عدن، ثم إلى تعز، ثم إلى صنعاء، حيث استقر أخيرا".

وقال: "في صيف 94م، عاد إلى الحجرية، وظل فيها فترة، وتوقف عن الكتابة حينها، وعمل في بيع البطاريات والإطارات في محل بالقرية، وثم عاد إلى صنعاء؛ كونه كان يعشقها ومتعلقا بها".

وأضاف: "بعد عودته من القاهرة تعرّض المساح إلى الاعتقال في سجن القلعة أيام الأمن الوطني والمخابرات، مطلع الثمانينات تقريبا، وفي 2015 عندما سقطت صنعاء بيد المليشيا أيضا تعرض للاعتقال والسجن، ووقف راتبه، وخلال هذه السنوات والمساح يعيش في نفس الدائرة، هو ذاته محمد المساح الأصيل المحافظ على هويته وقيمه ومبادئه، وطريقة حياته وعلاقاته مع الناس ومع زملائه".

وتابع: "الأستاذ المساح ظُلم بشكل كبير جداً، على مر السنوات، وتعاقب السلطات في البلد، فعندما عاد المساح من القاهرة، في سبعينات القرن الماضي".

وزاد: "عمل في إدارة العلاقات العامة في وزارة الخارجية، وكان مسؤولا عن المطوية الدورية، ثم ترك العمل وذهب إلى وزارة الإعلام، وفي الفترة نفسها ترأس صحيفة الثورة، وشارك بتأسيس مجلة الكلمة، وبعدها أسس مع رفاقه من الصحفيين مجلة اليمن الجديد، وتتلمذ على يده الكثير من الناس".

وأردف: "المرة الوحيدة، التي تكرّم فيها الأستاذ الراحل محمد المساح، في صنعاء عاصمة للثقافة العربية، لا زلت أتذكر هذا المشهد، وكان مؤثرا كونه حتى لم يستطع أن يتحدّث وظل يحدّق بالحضور ويشاهد زملاءه ورفاقه، وكان ذلك أكبر تعبير بالنسبة له، بأن هذا شيئا عظيما حصل عليه كتقدير لمسيرته وجهوده".

وأشار إلى أن "الكتابة الوجدانية لشخص قريب، أو صديق، هي لا تفيد في لحظة معينة، لكنها محاولة لإنصافه ومنحه ولو جزءا بسيطا من قيمته، في هذا المقام".

- جفاء الدولة والمجتمع

في ذات الاتجاه يقول  الصحفي  أنور العنسي: "إن الأستاذ محمد المساح كان أستاذا وزميلا وصديقا مُهما ومؤثرا وأثيرا بالنسبة لي، منذ بداياتي الأولى في عالم الصحافة والإعلام، وفي الجانب الأدبي والثقافي بشكل عام، طوال عقود من الزمن".

وأضاف: "كان الراحل حالة إبداعية خاصة وإنسانية مميّزة في جانبها الإبداعي كما هو معروف، استطاع المساح أن يخط لنفسه طريقا خاصا ومختلفا جمع فيه بين العمل الصحفي والإبداع الأدبي في آن واحد".

وتابع: "في الجانب الإنساني، كان المساح قوميا ومواطنا يمنيا بسيطا يعيش كسائر اليمنيين، همومهم ومعاناتهم، ومكابداتهم اليومية".

وأردف: "أنا سعيد وممتن إلى أبعد الحدود بالتعاطف والتضامن، الذي لقيه الأستاذ المساح، في رحيله، لكن لا أريد أن يتجاوز الأمر حدوده إلى درجة المبالغة، وذلك لعدة أسباب، السبب الأول أن الراحل قضى سنواته الأخيرة في قريته يعاني الأمرين، وشغف العيش، وصعوبة الحياة، مع المرض واختفاء ابنه، والعزلة ونكران الناس، والجفاء الذي لقيه من الدولة والمجتمع".

وزاد: "فيما السبب الآخر، كي لا يتحول فقدان المساح إلى وأد للبكاء على الحليب المسكوب، لأن هناك المئات من أمثال المساح من المبدعين والشعراء والفنانين قضوا دون أن يلتفت إليهم أحد، وعانوا الكثير من الحرمان والمرض، ولم يحصلوا على أدنى درجات الرعاية".

وقال: "هناك سبب آخر، وهو أن رحيل المساح، برغم ما تركه فينا من ألم وحسرة، لكنه يأتي في وقت، اليمن يعاني من محنة عظيمة، ويعيش فيه ملايين الناس ما عاشه المساح بلا علاج، وبلا رعاية طبية، وبلا مرتبات، ولا أكل ولا شرب ولا خدمات، فأرجو كل الرجاء أن نضع رحيل الأستاذ المساح حبيبنا وصديقنا العظيم، في إطارها الموضوعي، الذي تستحقه".

وأضاف: "كان المساح يحتاج منّا الكثير من الاحترام لتاريخه، لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، فالآن يفترض أن يتم الاعتناء بإبداعه وكتاباته وإصداراته، وأن تجمع بكتب متّسقة لتعبّر عن تجربته في الحياة الثقافية والإبداعية في اليمن، وأيضا الالتفات إلى حالة أسرته، وتقديم الرّعاية المستحقة لهم، بعد رحيله".

تقارير

أكثر من 600 ألف نازح عادوا إلى تعز.. نسيان وصعوبات تثقل كاهل العائدين

رغم استمرار وتيرة النزوح في البلاد، خلال السنوات الأخيرة، شهدت مدينة تعز تزايدا ملحوظا في أعداد النازحين العائدين إلى ديارهم، وسط تفاقم ملحوظ في منسوب الصعوبات الاقتصادية والمعيشية والخدمية، التي يواجهها العائدون في المحافظة الأكثر سكانا ودمارا وفقرا وبطالة.

تقارير

رفض إحياء العمل الحزبي.. ما سر تناقض المجلس الانتقالي؟

موقفان متناقضان للمجلس الانتقالي، خلال يومين فقط، ففي اليوم الأول يشارك الأمين العام للمجلس في اجتماعات الأحزاب والتكتلات المساندة للشرعية، وفي اليوم التالي تجتمع الهيئة السياسية للانتقالي لمهاجمة الاجتماع ومخرجاته.

تقارير

"مؤامرات خارجية".. كيف تتهرب مليشيا الحوثي من مشكلاتها الداخلية؟

هربا من مشكلاتها الداخلية، مليشيا الحوثي تحذّر من مؤامرة خارجية، ومحاولات من الطابور الخامس والسادس في إثارة الفوضى، والتشويش على المعركة الحقيقية مع قوى الاستكبار العالمي، كما تسميها، وهو تحذير من أن يطالب الناس بصرف المرتبات

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.