تقارير
الحوثيون يوسعون الانقسام النقدي.. وخبراء يحذرون من "مسار اللاعودة"
في خطوة تصعيدية جديدة تهدد بتفكيك ما تبقى من النظام المالي الموحد في اليمن، أعلنت مليشيا الحوثي، عبر "البنك المركزي" في صنعاء، عن إصدار أوراق نقدية جديدة من فئة 200 ريال وطرحها للتداول اعتبارًا من الأربعاء، وذلك بعد أيام من سك عملة معدنية من فئة 50 ريالًا.
الإعلان الصادر عن الحوثيين عبر "مركزي صنعاء" قوبل برفض رسمي واسع، وتحذيرات من تداعيات اقتصادية وإنسانية عميقة.
- مسار اللاعودة
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، اعتبر أن الخطوة "تفتح أبواب الجحيم" على الاقتصاد اليمني، قائلًا إن "إعلان البنك المركزي، الواقع تحت سيطرة الحوثيين، طباعة عملة جديدة من فئة 200 ريال وطرحها للأسواق يضاعف من حالة التشظي والانقسام ويفرض مسار اللاعودة".
وتساءل نصر عن السيناريوهات القادمة: "هل ستقوم الحكومة الشرعية بوقف الاعتمادات لاستيراد السلع لمناطق الحوثيين؟ وهل تستطيع الجماعة تغطية الاستيراد مباشرة دون اللجوء إلى البنوك في مناطق الحكومة؟ ومن المتضرر أكثر إذا توقفت حركة التبادل التجاري؟".
وأضاف نصر: "من المؤسف أن تثار تساؤلات كهذه، إذ لم تعد مصالح الناس هي المعنية، بل رعونة واستقواء".
- المعركة الفاصلة
أما الصحفي عمار علي أحمد فاعتبر أن إعلان الحوثيين عن طباعة عملة ورقية جديدة يمثل "خطوة يائسة أكثر منها تصعيدية".
وأضاف: "الخطوة تعكس إقرارًا ضمنيًا بخسارتهم للمعركة المصرفية أمام البنك المركزي في عدن".
وأشار أحمد إلى أن "التصنيف الأمريكي للجماعة شكّل ضربة موجعة لسلطتها على القطاع المالي".
وأكد أن قرارات "مركزي عدن" بدأت تُنفذ فعليًا رغم محاولات الحوثيين الالتفاف عليها.
وتابع: "تبقى فقط خطوة واحدة حاسمة: إلغاء التعامل بالعملة القديمة... حينها ستكون المعركة الفاصلة".
- أزمة سيولة
وفي تحليل فني للإجراءات الحوثية، أوضح الصحفي والباحث الاقتصادي ماجد زايد أن الحوثيين لا يملكون القدرة على طباعة عملات جديدة بالكامل، بل ينفذون عمليات "استبدال نقدي" تهدف إلى تجاوز أزمة السيولة.
وقال زايد: "مركزي صنعاء لا يطبع عملات معتمدة كليًا، بل يستبدل القديمة بأخرى جديدة من نفس الفئة لتفادي انتهائها".
وأشار زايد إلى أن فئة الـ100 ريال الورقية استُبدلت سابقًا بعملة معدنية، ويتكرر الآن السيناريو مع فئة الـ50 ريالًا، وربما لاحقًا مع فئتي الـ200 و250 ريالًا.
وأضاف: "هو ترميم لنظام نقدي مهترئ، فوق أسفلت قديم من زمن الدولة... لا شيء جديد سوى الشكل، والهدف فقط هو إظهار القدرة على الفعل في ظل عجز واضح".
- رسالة دعم قوية
وفي رسالة دعم قوية، شدد سفراء الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع مع محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، اليوم الثلاثاء، على أن "البنك المركزي اليمني هو الجهة الشرعية الوحيدة المخولة بإصدار العملة القانونية في البلاد"، مؤكدين أهمية استقلالية البنك واستمراره في تنفيذ سياسات نقدية مسؤولة.
- عبث تدميري
وفي وقت سابق، أعلن البنك المركزي اليمني في عدن رفضه لهذه الإجراءات، واصفًا إياها بـ"العبث التدميري" الصادر عن كيان غير قانوني لا يملك أي صلاحيات سيادية..
وأكد أن ما يجري حلقة جديدة من الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني، هدفها تمويل الأنشطة القتالية للحوثيين دون غطاء قانوني أو نقدي.
يُشار إلى أن هذه التطورات تأتي في أعقاب اتفاق أُعلن عنه، في يوليو 2024، برعاية الأمم المتحدة، بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والحوثيين، تضمن وقف الإجراءات التصعيدية ضد البنوك، لكن الخطوات الأخيرة التي اتخذها الحوثيون تُعد خرقًا صريحًا لهذا التفاهم، وتعزز الانقسام المالي في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.