تقارير

حرب في عدن ميدانها جدران المباني!!

13/04/2021, 18:52:08

قناة بلقيس - خاص

تقف الطفلة صفية سعيد أمام عبارة مكتوبة على أحد الجدران في العاصمة المؤقتة (عدن)، محاولة قراءة الكلمات غير الواضحة، التي كُتبت بخط سيّئ للغاية وبحروف ناقصة.

تزداد دهشتها بعد أن خسرت رهان "إن كانت ستتمكن بالفعل من قراءة السطور المكتوبة على الجدار".
تقول: "هذا خط غير واضح، أنا أستطيع أن أكتب أفضل منه"، محاولة عدم إظهار العجز، ثم تنتقل لدور آخر "طيّب، اقرأه أنت".

ما كُتب هنا غير واضح، ويتكرر في أماكن أخرى على جدران باتت لوحات عرض، تفشل في تقديم محتوى جيّد أو صيغة واضحة.
الواضح هو أن ثمة رغبة واضحة في السباق على الكتابة في الجدران، التي باتت تمتلئ بالكثير من العبارات التي يخطها مراهقون أو طلاب مدارس،
أو غيرهم ممن أرادوا أن يبعثوا برسائل سياسية، أغلبها تخلو من مضمون هادف، وتعكس حالة الأميّة التي تكتسح المدينة.

وفقا للمعلم عبده بن عبده، مدرس اللغة العربية: "فنحن اليوم -للأسف- أمام حالة انهيار كبيرة في المستوى التعليمي للطلاب".
ويضيف "بات الأغلبية منهم لا يجيدون الإملاء، وما يُلاحظ  على الجدران من أميّة نحن نراه كل يوم في قاعات الدرْس وحصص الإملاء".

ويتابع لموقع "بلقيس": "لا أدري كيف يصل طلاب إلى المرحلة الثانوية وهم بهذا المستوى. أصبح الأمر ظاهرة عامة".

شعور بالحزن

وكيل مدرسة، في 'الشيخ عثمان'، يقول ل"بلقيس": "نشعر بحزن شديد لما أصبحت عليه العملية التعليمية، وتدنّي مستويات الطلاب".
ويضيف "نحن اليوم أمام واقع بائس جدا، لم يعد جيل اليوم مهتما بالتعليم، وباتت المدارس مكتظة بالطلاب الأميّين".


يقول: "لقد مرّت المرحلة التعليمية بتراجع مُخيف جدا، يلخّصه هذا الواقع لجيل غير قادر على الإملاء والكتابة بخط واضح يُمكن قراءته".

معلّم في مدرسة أخرى يقول: "لو أطلعتك على أوراق الاختبارات للطلاب سوف تُصاب بالدّهشة".
ويوضح أنه "من النادر أن تجد من بينها ما تستطيع قراءته، وأصبح غالبيتهم غير قادرين على التفريق بين التاء المربوطة والتاء المفتوحة، وحرف الهاء. أما حرف الألف فصار الطلاب عاجزين عن كتابته في الكلمة، ناهيك عن الهمزات".
الجدران تكفي

الحقيقة لم نكن بحاجة إلى الاتجاه صوب المزيد من المدارس للاطلاع على مستويات الطلاب التعليمية وقدرتهم على الكتابة والإملاء بشكل صحيح، الجدران تقدم عرضا كافيا للحالة، التي وصل إليها الطلاب.

يقول مدرس في مدرسة 'عقبة بن نافع' في 'مدينة الشعب': "للأسف، تجد أغلب كرَّاسات الطلاب فارغة، في حين يتجهون إلى الكتابة على الجدران، التي صارت تقدم الصورة الحقيقية، وتقدم صورة مغايرة وتفسيرا مختلفا متمثلا بحالة العجز الواضح للمدرسة في استيعاب الطلاب، واحتوائهم من خلال الأنشطة الثقافية والرياضية، والمجلات الحائطية، لتفريغ طاقاتهم، لذا اتجهوا إلى الشارع للتعبير عن ذاتهم على الجدران".

مشاهدات أخرى

أثناء التجوال والمرور على العديد من أحياء وشوارع وأزقة عدن، تمكّنا من الاطلاع على أشكال متعددة من الكتابات على الجدران، تعكس جميعها أنماط تفكير الناس في هذه المدينة، وحالة الفوضى والانقسام الحاد الذي تعيشه المحافظة.



فبالإضافة إلى الكتابات، التى يبدو واضحا من  يقف خلفها، حسب الصحفي غمدان أبو أصبع، الذي يقول إنه بمعاينة الكثير منها يمكن تحديد هُوية أصحابها، والكثير منها تعود لمراهقين وطلاب مدارس، يحاولون التعبير عن أنفسهم بمثل هذه العبارات، التي بقدر ما تظهر مشاعر تذمر ما، فإنها أيضا تقدّم مستويات تعليمية متدنّية.
كما تنتشر في المدينة الكثير من العبارات الخادشة للذوق العام، وتبادل عبارات السباب والقذف والتشهير. وعلى ما يبدو أن للبلاطجة حضورا على هذه الجداريات، ويبعثون برسائل معيّنة من خلالها.
فثمة من يخط التحذيرات من عدم الاقتراب من هذه الأرضية أو تلك، كونها بحمايته، بل إن هناك من يضع رقمه للباحثين عن حماية، في واقع يظهر حجم المستوى الذي وصلت إليه المدينة من الفوضى والصّراع وغياب الأمن.

انقسام سياسي

الجدران تبدو مسرحا آخر للانقسام السياسي، تحضر من خلالها أسماء اعتقد كثيرون أنها اختفت. فالكثير من الجداريات يحلّ فيها مثلا اسم الميسري (كلنا الميسري)، بعد أن كانت الجدران في السابق تحتوي على عبارات "كلنا عيدروس" أو "كلنا شلال شائع".

تقارير

مخيمات النزوح في مأرب.. إهمال حكومي وكوارث متكررة

يعيش ملايين النازحين في محافظة مأرب ظروفا إنسانية كارثية تتفاقم مع مرور الوقت، وتهدد حياتهم بشكل مباشر، ومن أوجه المعاناة أن العديد من الأسر النازحة تضطر إلى العيش في خيام متلاصقة، مما يشكّل بيئة خصبة لانتشار الحرائق والأوبئة.

تقارير

ما مستقبل الأزمة اليمنية بعد 10 أعوام من محاولة جلب الحل السياسي الشامل؟

الأمم المتحدة، وعبر مبعوثيها المرسلين إلى اليمن، لم تستطع، حتى الآن، إيجاد خريطة طريق للحل، ووقف إطلاق النار، وجعل مسار المفاوضات ممكنا، وسط تقارير تشير إلى تخاذلها وغض الطرف عن تصرفات مليشيا الحوثي العابثة منذ سنوات.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.