مؤخرا أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريرا تحت عنوان كيف يمكن إنهاء حرب اليمن؟
التقرير أبدى تفاؤلا بالتصريحات الناعمة المتبادلة بين السعودية ومليشيا الحوثي بشأن إيقاف إطلاق النار بين الجانبين، داعياً الإدارة الامريكية إلى ما أسماه قطف هذه الثمار الناضجة، والأخذ بيد الرياض والحوثيين لعقد الاتفاق وإيقاف الحرب في اليمن.
نزاع بين طرفين
في العديد من الدراسات والمواقف يغيب عن المراقب الدولي رؤية الأزمة اليمنية كما هي على أرض الواقع، ويذهب الكثير منهم إلى تشخيص الحرب اليمنية على أنها نزاع بين السعودية والحوثيين، مفترضين أن إبرام أي اتفاق بين هذين الطرفين، يمكنه إنهاء الحرب وتحقيق السلام في البلد.
في كل محطات العمل من أجل إنهاء الحرب في اليمن، يقفز المجتمع الدولي على حقيقة الصراع في اليمن، باعتباره صراعا داخليا بين الدولة ممثلة بالسلطة الشرعية، وبين مليشيا سطت على السلطة بشكل غير قانوني، ما يجعل من عملية تحقيق السلام مجرد أمانٍ غير واقعية، أو عمل موجه في صالح مليشيا الحوثي.
يوما بعد يوم يتحول الملف اليمني الى ورقة إقليمية، وهو ما يجعل بعض المراقبين يرون أن المرحلة القادمة قد تحول البلد إلى ساحة لأي تسوية إقليمية برعاية دولية، ليأتي الحل على غير ما يريده اليمنيون.
السلطة الشرعية التي تقيم في الرياض وضعت كل بيضها في سلة السعودية، وفي ظل تعرض الأخيرة لضغط ملفات دولية وإقليمية متزايدة، فان أي تسوية قد تقدم عليها الرياض في الملف اليمني، ستكون حتماً على حساب تطلعات اليمنيين وتضحياتهم طوال الخمسة الأعوام الماضية.
المحلل السياسي ياسين التميمي قال إن الساحة اليمنية هي ساحة صراع، والتأثير الإقليمي والدولي ظهر منذ الساعة الأولى للأزمة.
وأوضح التميمي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة بلقيس مساء أمس، أن تقارير مجموعة الأزمات الدولية تقرر الحالة في اليمن، وأحيانا تشكل تقاريرها نوع من الإسناد المباشر أو غير المباشر لجهود المبعوث الدولي وفريقه للتعاطي مع أطراف الأزمة اليمنية، مشيرا إلى أن أغلب التقارير تحاول أن تكرس الحوثيين كطرف سياسي يجب التعامل معه باعتباره طرف يتمتع باستحقاقات سياسية وعسكرية وأمنية على الساحة اليمنية.
وأضاف أن الحوار السعودي الحوثي لا يخدم الأمن في اليمن ولا الحلول المستدامة التي يتطلع إليها اليمنيون على المدى البعيد، ولا تأخذ بعين الاعتبار حاجة اليمنيين للسلام والأمن، وحاجتهم لاستعادة دولتهم وتحقيق مبدأ الشراكة.
تسليم تلقائي
ويرى التميمي أن محاولة تفويض الحوثيين لخوض جولة حوار ينتهي إلى سلام في اليمن يعني أن الرياض تسلم اليمن تلقائياً إلى هذه الجماعة المتطرفة.
واعتبر التميمي ذهاب الرياض للسلام مع جماعة الحوثي دون حضور السلطة الشرعية مسار جديد للحرب سيواجه اليمنيين، وسيجعل السعودية طرف صراع.
وعن توصية مجموعة الأزمات باشراك أطراف أخرى في المفاوضات القادمة إلى جانب الحوثيين والسلطة الشرعية، أوضح التميمي أن ذلك "يضعنا أمام فوضى حقيقة وأمام محاولات يقوم بها الإماراتيون والسعوديون تقوم على عدم احترام الدولة اليمنية ونضالات الشعب اليمني".
صراع داخلي
وعلى عكس ذلك، يرى الباحث في الشؤون الإنسانية البراء شيبان أن تقرير مجموعة الأزمات الدولية جانب منه مقارب للحقيقة.
وأوضح شيبان أن أخطر ما يواجه اليمن الآن هو الانجرار إلى صراع في الداخل يتمثل في اصطفاف اليمنيين ما بين محور السعودية ومحور الإمارات، والجانب الثاني في الانجرار إلى صراع إقليمي أكثر عمقا.
وقلل شيبان من خطورة المجلس الانتقالي باعتباره أداة من أدوات الإمارات، ولا يوجد لديه مشروع سياسي، مردفا القول أنه في حال ما كان هناك تنازل من الشرعية في سقطرى لصالح الإمارات فإن الأزمة ستنتهي وسينتهي المجلس الانتقالي خلال يوم.
ولفت شيبان إلى أن عالم السياسة تحكمها المصالح، وبالتالي من حظ اليمنيين أن المصلحة في هذه اللحظة – مصلحة السعودية – تقتضي بالضرورة أن تكون مع الصف المطالب بالتغيير حتى لا تخسر اليمن وتذهب للحوثي ومن خلفه إيران.
وعن المشروع الإماراتي في اليمن، أوضح شيبان أن الإمارات إذا كانت ترى أن مشروعها سيستمر في اليمن لما قامت بسحب الأدوات التي قدمتها لبعض المرافق والمؤسسات، مفسرا ذلك بأن الإمارات من وراء ذلك تريد أن تنتقم من اليمنيين الذين طالبوا برحيله.
وفيما يتعلق بالموقف الدولي، لفت التميمي أن واحد من أسباب الانسجام داخل المجتمع الدولي ومجلس الأمن حيال اليمن هو وحدة تقييم الموقف التي أتت منذ بداية الأزمة على خلفية الشعور بأن المشكلة في اليمن ليست في الانقلاب على السلطة الشرعية ومصادرة حق اليمنيين في إقامة دولة ديمقراطية، بل المشكلة بنظرهم هو في نشاط تنظيم القاعدة ومن بعده داعش.